د. سعد العبيدي
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي والحكايات البينة مسألة ثانوية العقيدة للبنات التي تتخذ لها مكاناً مميزاً مشرفاً على جسر الجمهورية من جهة الباب الشرقي. هذه المدرسة التي تأسست منذ العام 1921، تحت تسمية الراهبات لتضم روضة ومدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية خاصة تتبع طائفة اللاتين الكاثوليك، مسألة تناقلت تلك الوسائل عنها قولاً من أن ديوناً استحقت عليها للوقف المسيحي، وعجزت عن دفعها، فأقام عليها الوقف دعوى، كسبها أمام المحاكم المختصة، الأمر الذي ينذر بتخلية المكان ومن ثم السماح باستثماره تجارياً لاستيفاء الديون.
إن هذه المدرسة التي تأسست مع تأسيس الدولة العراقية، والتي رعتها الدولة العراقية، في عموم الفترات الزمنية تتعرض إن صحّت الأقوال التي يصعب اثباتها في ظل التنصل من قول الحقيقة الى كارثة لا تتعلق بمصيرها مدرسة لها اسم وحصة في تاريخ العراق الحديث والحركة العلمية، إذ خرّجت مئات الخريجات اللواتي تبوّأ الكثير منهن مراكز وظيفية وعلمية وأسرية متقدمة في الدولة والمجتمع، بل وبمحاولات محو الذاكرة التاريخية التي يفترض أن تبقى سليمة لاطلاع أجيال المستقبل ولديمومة الذوق العام، فالبناية مشيدة منذ فترة زمنية تقترب من مئة عام وتعود الى طائفة مسيحية لها باع في تاريخ العراق، الأمر الذي يجعلها مدرسة وبناية من حصة التاريخ أكثر من كونها أرضا يمكن المتاجرة بها وتسديد ديون بضعة آلاف من الدولارات.
إن الموضوع أثار الكثير من أهل العراق الذين رفعوا أصواتهم عالياً منادين أمانة العاصمة أن تتدخل لحمايتها وهي الجهة المعنية بالتصميم والتراث، ومطالبين وزارة التربية لأن توقف التجاوز على مدرسة عريقة وهي المعنية بشؤون التحصيل، وكذلك محافظة بغداد التي يمكنها التدخل للحفاظ على التاريخ والتراث.
تقويض مدرسة كهذه، تركت أثراً في نفوس أهل بغداد مسألة صعبة، وهدم بناية صارت جزءاً من المنظر الجميل لساحة التحرير التي يقف على أرضها يومياً آلاف العراقيين المنادين بالحرية والعدالة والمساواة مسألة أصعب، تدفع الى رفع الأيادي الى الله عساه يهدي التائهين عن التاريخ والتراث، ويقرب الصورة الى الحكومة في أن تتدخل لتوقف ذبح التاريخ والتراث.