بغداد أمانة

آراء 2020/09/16
...

د. كريم شغيدل
  كتبتُ مراراً عن التشوهات البصرية والمعمارية، التي طالت فضاء العاصمة بغداد وبقية المحافظات بسبب هيمنة ما يسمى بـ(الكوبون التركي) أغلفة الألمنيوم اللماع والملون التي أخفت معالم الريازة البغدادية الأصيلة من على واجهات البنايات، اختفت التصاميم الهندسية للواجهات والزخارف والتكوينات، وسمحت الأمانة بتهديم العديد من المعالم التي كانت تشكل هوية المدينة كبعض المقاهي ودور العرض السينمائية، ومنها مثلاً مقهى البرازيلية وسينما الزوراء، كما اختفت التصاميم الطرازية عن المجسرات التي تقاسمتها بعض الكتل السياسية كمشاريع استثمارية وتغلفت بالكابون، وأهملت بعض النصب، فهل سيستطيع الأمين الجديد منهل الحبوبي إزالة تلك التشوهات بما يمتلكه من حس معماري وبصري ورؤية للتخطيط الحضري لمدينة بغداد ببعدها الحضاري والتاريخي والثقافي؟
كررنا أيضاً ولمرات عديدة أن تاريخ بناء بغداد يصادف 20 نيسان الذي يقابل التاريخ الهجري لتأسيسها، لكن المقبور الطاغية الذي ابتكر لنفسه ميلاداً في أواخر نيسان، أراد أن يلغي كل مناسبة تسرق الأنظار عن الاحتفال بمولده الأسود، فقام بزيارة إلى أمانة العاصمة فعدت تلك الزيارة مولداً جديداً لبغداد، وهو اليوم الذي لا تزال الأمانة تحتفل به سنوياً للأسف الشديد، فهل يتمكن الأمين الجديد من تدقيق تاريخ تأسيس بغداد ويعيد إليها يومها على وفق المصادر التاريخية
المعتبرة؟
   غالبية الذين كتبوا عن تاريخ بغداد من المحدثين، يرددون أكذوبة خيانة ابن العلقمي وتآمره لصالح هولاكو وتسليمه مفاتيح بغداد وكأنها شقة مفروشة، وهي كذبة ابتكرها بعض المؤرخين الشاميين لأسباب طائفية بعد مئة عام من سقوط بغداد، فلا يوجد مصدر تاريخي أو أية إشارة في كتب التراث لا في زمن هولاكو ولا بعده تشير إلى موضوع الخيانة، بل هناك ممالك ساعدت هولاكو بجيوش لم يشر أحد لخيانتها، وأن جيش المغول أسقط جميع المدن التي مر بها واستباحها، وصولاً إلى خوارزم التي كانت أقوى وأكثر منعة من بغداد التي تداعت فيها الخلافة وضعفت شوكتها بسبب سياسات بني العباس وهيمنة الترك على مقدراتها، لكن الطامة الكبرى أن تتبنى الأمانة على لسان بعض موظفيها تلك الأكذوبة، فبغداد يا أمينها الجديد أمانة وللحديث
بقية.