في التمهيد يقول البروفيسور سليم الحسني مؤلف: «هذا الكتاب جزء أساسي من مشروع ألف اختراع واختراع، الذي يشكل معرضا جوالا وكتابا ودليلا للمعلمين، وملصقات تعليمية تربوية وموقعا إلكترونيا. لقد حقق هذا الكتاب نجاحا مدويا، إذ نفدت الطبعة الإنكليزية الأولى في غضون أشهر ثلاثة، والطبعة الإنكليزية الثانية والطبعة التركية الأولى أوشكتا على النفاد، كما أن الطبعة الإنكليزية الثالثة عرفت نجاحا وانتشارا كبيرين، وهذه الطبعة العربية الجديدة تقدم فرصة لتحسين المضمون بفضل إدخال مواد وصور جديدة، وإيضاح الغموض حول بعض الأمور».
والكتاب عبارة عن مدخل وسبعة فصول وخاتمة تضمنت شخصيات من الماضي، وعقولا أوروبية رائدة، وخطا زمنيا للأحداث الإسلامية الرائدة، وقائمة مصادر ومراجع ومؤلفين ودراسات.
في المدخل يحكي المحرر المسؤول قصة ميلاد فكرة المعرض والكتاب، التي نبتت منذ عام 1975، أثناء محاضرة ألقاها الأمير تشارلز ولي عهد المملكة المتحدة في مسرح شيلدونيان بعنوان «الإسلام والغرب»، وبعدها كب على قراءة العديد من الكتب والدوريات، التي أظهرت الفجوة العجيبة في التطور التكنولوجي منذ العصور الأولى حتى يومنا هذا، إذ دائمًا ما نظر الكُتاب الغربيون إلى الفترة من عام 450 م حتى عام 1492 م بوصفها «عصورًا مظلمة» غاب عنها كل ما يتعلق بالحضارة والعلم، والتي أطلق عليها «الزمن الغامض».
يسعى معرض ألف اختراع واختراع نظمه متحف الفن الإسلامي في الدوحة عاصمة دولة قطر، وكتاب ألف اختراع واختراع؛ للإجابة عليها، بطريقة مبتكرة رائعة للعرض، باستخدام التكنولوجيا، وبأسلوب سهل ميسر. والقارئ للكتاب، يجد أن التراث الإسلامي في عالمنا موزع في سبعة فضاءات: البيت، السوق، المستشفى، المدرسة، المدينة، العالم، الكون. والكتاب في طبعته العربية عبارة عن موسوعة تقع في 395 صفحة من القطع الكبير، مجلد تجليد مقوى، وتتشابه تقريبًا الطبعة الإنكليزية مع الطبعة العربية في الشكل والصفحات والتجليد. والمحرر المسؤول عن الكتاب هو البروفيسور سليم الحسني رئيس مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة FSTC، ورئيس مبادرة ألف اختراع واختراع بالمملكة المتحدة .
فكان وقع كلام الأمير تشارلز على محرر الكتاب كسري النار في الهشيم، فعمد إلى تكليف مؤرخين، وإطلاق مشروعات لأبحاث جامعية جديدة في مجال إعادة بناء افتراضي للآلات الهندسية القديمة، فاستقطب عددا من الأكاديميين والمهنيين الذين تشاركوا التفكير نفسه، مما أفضى إلى إنشاء مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة، وكانت تجربة المعرض والكتاب الأولى، التي اكتملت عام 1993.
وتتمثل أهداف المعرض والكتاب في: رفع مستوى الوعي بألف سنة تمتد بين القرنين السابع والسابع عشر الميلاديين من التراث الإسلامي، وخلق فهم وتقدير لإسهام المسلمين في تطوير العلوم والتكنولوجيا المعاصرة على نطاق العالم، وإلهام الشباب المسلمين وغيرهم بإيجاد نماذج حياتية يُحتذى بها في ميادين العلم والهندسة، وتشجيع مفهوم الابتكار العلمي والتكنولوجي وتعزيزه بوصفه قناة إيجابية بنّاءة للتعبير عن معتقدات الفرد بدلاً من الانعزالية الدينية والتطرف، واستخدام الجذور الثقافية للعلوم في تقوية التماسك الاجتماعي والتقدير والاحترام بين الشعوب.
وفي الفصل الأول يتناول اثر مخترعات المسلمين في الحياة المنزلية، بداية من إثر رائحة القهوة التي لخصتها مقولة الشيخ عبدالقادر الأنصاري الجزيري» القهوة ذهب الإنسان العادي، تجلب لشاربها شعورًا بالفخامة والنبل»، والساعات التي نبتت فكرتها لدى الجزري من المثل العربي القائل» الوقت كالسيف أن لم تقطعه قطعك»، فصنع ساعة الفيل المعقّدة، والشطرنج الذي نقله المسلمون من الهند القديمة إلى أوروبا، وأدوات النظافة من الصابون والسواك والطيب والعطور انطلاقًا من حض القرآن على النظافة والطهارة، وأجهزة الحيل أو الميكانيكا التي كان الهدف منها التسلية، وقادتهم إلى الكثير من التصميمات كالنوافير العجيبة، والرؤية وتشريح العين وآلات التصوير على يد ابن الهيثم أعظم فيزيائي مسلم في علم البصريات، ووجبة الطعام ثلاثية الأدوار التي أدخلها في القرن التاسع رجل ملقب بزرياب إلى أوروبا عبر منفذ الأندلس، ودور المسلمين في نظام الصوت أو الموسيقى التي تتخطى القارات والثقافات والناس والطبيعة، فأوضح أن كثيرا من الآلات الموسيقية المستخدمة اليوم ترجع أسماؤها وقواعدها إلى الأصول الإسلامية العربية، والموضة والطراز اللتين انتقلتا مع التصاميم والأفكار العربية المتعلقة باللباس إلى أوروبا قبل ألف ومئتي سنة عندما كانت أسبانيا جزءا.