ما كنتُ أبوحُ بأغنيتي لولا الرحيلُ
لذلكَ سَتَرونَ أعمارَكُم المُهيَّأة لفجرِ جديدٍ
كيف تدورُ سريعاً وتكبرُ في هَواي
فقد عرفتُ باني الوعد
ساعةَ ودعَّتُكم بأرضِ الغُوايةِ
وتركتُ على قمصانِكُم طلاسمَ الخِصْبِ
ها هي روحي ترحلُ اليكُمْ في البريدِ
تأخذُني لتمائِمِ الطفولةِ عَمْداً
ثُمَّ تُسْلِمَني لسواحل من التعبِ
تطوفُ على جبالِ الشمالِ وتغفو بأهوارِ الجنوبِ
تحلِّقُ فوقَ المنائرِ وتَخْضَرُّ في الحدائقِ
حيثُ تتفتَّحُ القُبُلاتُ على موائدكِمْ
وتكونُ مصاطبُ العشاقِ على دجلةَ أبهى من الغَبَشِ
لذلك قلتُ اسندوني لأجْمَعَ ما تبقى من الشّتاتِ
إرفعوا راياتِكُم على الزَّقوراتِ في أريدو
فما جدوى أنْ ندورَ بهذا الفراغِ ؟
ربما أثقلتُ بالأحكامِ التي خلتْ عن القصْدِ
إذ ضَجَّتِ المنافي وأخذَتْني بعيداً عن الصحبِ
فكيف أنسى يومَ دحرَجتُ النوايا بِكفٍّ من الفَيضِ ؟
وظَلَّ القلبُ موصولاً بمَشيمةِ الضوءِ،
هاتوُا مواجعَكم لقطعِ الطريقِ على الصفيرِ
هُبّوا بكلِّ المجاذيفِ التي تُفْضي للشواطئِ
كفاكُمْ هذا الغيابُ الذي عَطَّلَ الرغباتِ،
تعالوا لترتيبِ الدفاترِ والخُطى
عسى أن ينامَ القَطا ويهدأَ في الليلِ ضَجيجي،
تعالوا بما فيكُم من الرُّؤى حتى تنتهيَ آخرُ الأسرارِ
فها أنذا ألوِّحُ لكمْ عَبْرَ المَدى
أهيمُ بنجمِكُم الذي هَيَّجَ أشجاني،
إنتظروني لأُغْمِضَ جَفني على نسمتِكُم الرطبةِ
عسى أن يُشفى القلبُ من لوعتِهِ
أو يُرفرفَ الحلمُ على جفوني