د . صادق كاظم
المعالجات الامنية لملف سلاح العشائر وان تكون مطلوبة وضرورية، الا أنها ليست كافية لوحدها، فسبق إن جرب هذا الاسلوب من قبل ولم تتوقف النزاعات والصراعات العشائرية المسلحة، التي تستقوي بهذا الخزين الضخم من السلاح في تحدي الحكومة وقراراتها الامنية، مما يفرض وضع ستراتيجيات جديدة لمعالجة هذه الصراعات من جذورها من خلال حل النزاعات المزمنة في تلك المناطق وفق برامج مصالحة حقيقية، تتم برعاية الدولة واجهزتها القضائية وبدعم ومساندة من المرجعيات الدينية والفعاليات الاجتماعية البارزة، فضلا عن حل مشكلات البطالة وتجارة المخدرات في تلك المناطق واقناع المحاربين المسلحين بترك السلاح والانصراف الى الزراعة وفرص العمل الاخرى مع تفعيل مادة الحق العام في القانون المدني، الذي يقاضي مرتكب جرائم التعدي على النظام والقانون باشد العقوبات وعدم افساح المجال للمساومات الجانبية التي تاتي على حساب القانون، فضلا عن تأثيراتها السلبية الاخرى.
وجود السلاح بهذه الكميات الضخمة وبمختلف الانواع من الخفيفة الى المتوسطة، فضلا عن كميات محدودة من السلاح الثقيل وانتشاره المخيف في مختلف المناطق يمثل عامل تهديد امني خطير يكون على حساب أمن الدولة وللمؤسسة الامنية القائمة على تطبيق النظام والقانون، حيث سيشجع بقاء السلاح بايدي هذه العناصر المنفلتة والخارجة عن النظام والقانون على ارتكاب العديد من التجاوزات والاعتداءات المسلحة وتعطيل مصالح الدولة وواجباتها، حيث وصلت الامور في بعض الاحيان ان هذه المجموعات المسلحة تمنع الشركات من تنفيذ المشاريع الخدمية، الا بعد أن تحصل على أموال من تلك الشركات مقابل السماح لها بمواصلة اعمالها في تلك المناطق، اضافة الى انخراطها في عمليات التهريب المخالفة للقانون والمضرة بأمن البلاد وشعبها، بل الاسوأ من ذلك انها تقوم بتهديد رجال الامن انفسهم بالقتل في حالة قيامهم بواجباتهم في ملاحقة تلك العناصر والقاء القبض على عناصرها المتورطة بتلك الجرائم وهي سابقة خطيرة لم يسبق ان مرت بها الدولة العراقية من قبل وعدم الرد عليها والقبول بها وترك رجال الاجهزة الامنية من دون غطاء حكومي وقانوني يحميهم، سيعني المزيد من الانفلات والتجاوزات على النظام والقانون وتحدي سلطة الدولة وهيبتها والعمل على أضعافها.