علي حسن الفواز
حتى لا تكون الصورة معتمة، وبحاجة ماسّة للوضوح، فإن الرهان على النجاح سيكون هو الخيار الضروري والحقيقي، والنجاح ليس عملا سهلا وبسيطا، بقدر ما هو مسؤولية وارادة وموقف شجاع أزاء اسئلة الواقع العراقي، لاسيما أن ملفات هذا الواقع كثيرة ومحفوفة بالصراعات والعقد، والتي تضخمت طوال سنوات بحكم العجز على المواجهة، وترحيل الازمات من وقتٍ الى وقت آخر، فضلا عن سوء الادارة والفشل
والفساد.
دولة الخدمات قرينة بدولة النجاح السياسي والاقتصادي، لأن الخدمات تتطلب قرارات جريئة، وتغطية وحماية للمشاريع والبرامج، مثلما تتطلب وجود المال الذي تؤمّنه الموازنات العامة والاقتصاد الفعّال، وهذا ما يُعطي لتوصيف الدولة مجالا اوسع لتحديد هويتها، ولتأطير برامجها، ولدعم واسناد جهودها الحكومية، فالدولة مفهوم مؤسسي عام، يرتبط بسلطات متعددة، وأنّ التفاعل والتكامل بين السلطات هو الذي يعزز اجرائية عمل مؤسسات الدولة، لاسيما في مجال التخطيط والتنظيم والادارة والتمكين والرقابة، وفي تحفيز الرأي العام، ليكون رأيا مسؤولا في الرقابة وفي التفاعل مع برامج الدولة على مستوى المشاركة الديمقراطية والحقوق والعدالة الاجتماعية، أو على مستوى النقد، والتصدّي لمظاهر الفساد والفشل، لأن الرأي العام صناعة ستراتيجية لها قيمتها الوطنية الكبيرة والفاعلة، ومن الضروري ايلاؤها الاهتمام من قبل سلطات الدولة.
تلكؤ كثير من المشاريع، والفساد المستشري فيها هما العنوانان الصريحان لمشكلات الدولة، ولضعف الخدمات في بنياتها التحتية والفوقية، ولكلِّ ما يستدعي من حاجة للعمل على تجاوز تلك المشكلات، عبر اتخاذ الاجراءات القانونية والأمنية بحق الفاسدين، وعبر تعزيز هيبة الدولة وحماية مؤسساتها ومشاريعها، فضلا عن دورها في حماية السلم الأهلي، على مستوى الوقوف بوجه الارهاب من جانب، وعلى مستوى السيطرة على السلاح المنفلت وعمليات القتل والخطف التي يمارسها البعض من جانب آخر، وهي اجراءات ليست بعيدة عن فكرة نجاح الدولة،
اصرارها على مواجهة تلك التحديات، لأنّ الفساد والعجز باتا ظاهرة اجتماعية واقتصادية وأمنية، تسببت في تضييع كثير من الفرص الاستثمارية، وتعطيل عمل المؤسسات،
وانهاك بنية الاقتصاد ليظل ريعيا وغير قادر على الانخراط في مجالات تنموية واسعة وفاعلة، يمكن أن تنعكس على معالجة ازمة الاقتصاد ذاتها، وكذلك على معالجة ازمات البطالة والعجز والرثاثة.