لطيف جيجان
ليس غريباً أن تحاول بعض الأطراف خلق أزمات بين الحكومة والمتظاهرين الذين بدؤوا يشكلون تواجدا سياسيا واجتماعيا فاعلا وضاغطا في المشهد السياسي على حدٍ سواء، مستعيدين للذاكرة العراقية لحظات النضال الوطني عبر
تاريخه.
حتى أصبح الشباب التشرينيون رقما صعبا في المعادلة السياسية يحسب لهم حسابهم. بعد ان حجزوا مكانتهم وموقعهم في الضمير الوطني العراقي، فخلقوا مساحتهم السياسية، التي تكاد تكون منافسة للاحزاب النافذة، اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار تأثيرهم في مركز القرار المتعاطف معهم بنسبة عالية وعلى اعتبار ان رئيس الوزراء قد استلم مقاليد الحكم استجابة لحراكهم ومطالبهم وهذا ما لا يمكن نكرانه.
والمساس بهم عبر الاغتيال والخطف والتغييب هو بالضرورة عمل تخريبي كان بقصد او بدونه بهمجية او بتخطيط، فالمتظاهرون اصبحوا واقعا لا يمكن تجاهله او القفز عليه شاءت الاحزاب الحاكمة او لا.
ولا أعتقد ان هذه الاحزاب رغم امتلاكها السلطة والمال والسلاح تستطيع كسر ارادة شباب الانتفاضة اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار مساندة المرجعية وتلاقي ارادتها مع الارادة الشعبية ومطالبها المشروعة .
اذاً فالمساس بها هو مساس بارادة المرجعية الدينية وهو بالنتيجة مخالفة للعقد الاجتماعي المتفق عليه عراقيا والمدعوم دوليا ورغم الخلطة الهجينة للديموقراطية الناشئة محليا والتي قد استغلتها بعض الاحزاب بما يناسب مصالحها ويمكنها من زمام السلطة.
إنَّ الاستهتار بقيم الديمقراطية وحقوق الانسان يؤدي حتما الى خلق أزمة يراد بها جعل البلاد والعباد في دوامة يستفيد منها اعداء العراق.
وليس غريبا أيضا ان تحاول بعض هذه الاحزاب الاستفادة من ثورة تشرين باستفزازها او حرفها عن مسارها ضد جهة معينة لازاحتها لإضعافها وافقادها شرعيتها وعمقها الشعبي لتكون بديلا عنها.
وهنا يأتي دور القوات الامنية وحذرها وحيطتها في حماية المحتجين والتعامل بحذر شديد مع المندسين ممن يحملون أجندات سياسية بعيدا عن توجهات وخطاب الحراك الاحتجاجي .
ويسعى المحتجون ألا تكون مطالبهم ومواقفهم وفعلهم الميداني مجرد ردة فعل تحقق ما تريده هذه القوى، بل تفويت الفرصة عليهم ومساعدة الحكومة الحالية على اتمام مشروعها في تنفيذ برنامجها الذي طرحته وعلى اساسه حصلت على ثقة مجلس النواب، حتى لاتخلط الاوراق وتضيع فرصة الاصلاح السياسي التي حان قطافها.