علي شايع
شرطة بغداد تعتقل 83 أجنبياً مخالفاً لقانون الإقامة العراقي!. خبر يمكن أنْ يكون عابراً وغير ذي أهمية واستحقاق للتدوين، ولا يشغل أحداً سوى من تعنيهم القضية. وربما يكون أيضاً مهماً مرتبطاً بحياة أو موت إنسان، فالظلم مرتعه وخيم، وأشدّه الواقع على الضعيف المتغرّب.
في دول الحقوق تعمل بموازاة الشرطة مكاتب لمحامين تدفع الدولة نفقاتهم، لمتابعة قضايا متهمين يُحتمل أنْ يصيبهم إجحاف قانوني، فالقانون أعمى!- كما تقول أغنية هندية!، ويطيب لمحامين التوصيف- والوصف هنا بسياق قرآني الدّلالة؛ لا سخرية ولا انتقاص فيه من ذوي الاحتياج الخاص. إذن فالقانون لا يصيب أحياناً، ويحتاج لترشيد، كونه ينزاح لظرف ما، فيفرز موجبات المراجعة العادلة للوقوف على
الحقيقة.
يدفعني للحديث عن هذه القضية، شكوى صديق قصّ واقعة تستحق الذكر. قال: تعرضت زوجتي لحادث أقعدها عن الحركة، فاستقدمتُ عاملة أجنبية تعينها، وكانت كما تمنينا، لولا شكواها من مرض تفاقم سريعاً، وصرنا ملزمين بإعادتها لبلدها – برغبتها - معزّزة مكرمة، لكنَّ مكتباً للاستقدام عرضَ علينا مبادلتها "على علّاتها!" بعاملة أخرى سالمة ومسلحة بالعافية، بشرطين: دفع مبلغ إضافي، وألا تخرج العاملة الجديدة عن حدود المحافظة التي نسكنها!. يقول صديقي ففهمت أنَّ في القضية (إنَّ) وأنين مظلومين، فسألت المكتب: وهذه المسكينة البائسة ما مصيرها؟. قالوا: هذا ليس من شأنك!. قلت: يا للعار!..هل تباع وتشترى؟!.
قبل أيام كنت أشاهد فيلماً عن حكاية رجل، عزيز قوم، كان، قَلقَ النفس، باحثاً عن الحقيقة، يجوب القفار، فأسرهُ أعراب الجاهلية الأولى، ليخسر العمر عبداً يعانى الويلات. خسر حياته وربحتِ الأمّة حكمته وفرادته بعد
حين.
لعلّ مقبوضاً عليه مخالفاً أزرت به الظروف قيد مطامع نخاسة جديدة!.
هؤلاء الغرباء، أوصت بهم كتب السماء ومدونات أهل النصح، والمتابعة الحثيثة لقضاياهم تُلزم إنفاق الجهد والوقت، ووضع المترجم المحلف بحسب اللغة
المطلوبة.
كلّ إنسان معرّض للمرور بموقف يسمى فيه بـ(ابن السبيل)؛ لحظة يكون مسافراً غريباً منقطعاً في سبل بلاد لا معين على عودته لأهله سوى أهل رحمة وعدل شفيف. وبالنتيجة؛ مهما اتسعت الدنيا فهي ضيقة.. والأرضُ شيءٌ كلّها واحدٌ والناسُ إِخوانٌ
وجيرانُ.