محمد صادق جراد
هناك حقيقة لا بدَّ أنْ نعترف بها وهي إنَّ اختيار الحكومة الجديدة ورئيسها السيد الكاظمي جاء بالتوافق بين الكتل السياسية ولهذا يمكننا القول بأن الحكومة هي من نتاج التوافق والمحاصصة السياسية ولا يمكن التعويل عليها في إصلاح اخطاء التأسيس ومكافحة الفساد المالي والإداري الذي تقوم به أطراف محسوبة على العملية السياسية، ويعتقد البعض ان حكومة السيد الكاظمي لا يمكنها اجراء الإصلاح الحقيقي المطلوب، الا من خلال الانقلاب على التوافق والمحاصصة السياسية التي أصبحت اهم معوقات الإصلاح الاقتصادي، وربما تحتاج الحكومة الى دعم دولي واقليمي لتحقيق ذلك.
بالرغم من الخطوات التي تقوم بها الحكومة العراقية تحت مسميات الاصلاح الا أنها، أي( الحكومة) تبقى مطالبة برؤية واسعة وشاملة لمفهوم الاصلاح، الذي لابدَّ من أنْ يكون مشروعا متكاملا يعالج المشكلات السياسية والاقتصادية والخدمية في مختلف المجالات، وبما يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والاصلاح الاقتصادي والسياسي الشامل والذي من غيره ستبقى شعارات الاصلاح فارغة من غير مضامين او غايات.
إنَّ من اهم أسباب الفساد المالي والاداري في العراق هي طريقة إدارة الدولة من قبل القوى السياسية التي اعتمدت الشراكة الوطنية( المحاصصة) في توزيع المكاسب وتقاسم الوزارات والمناصب، التي كانت مسخرة ومستثمرة لرفد الأحزاب والكتل السياسية بالدعم المالي، بدلا من تقديم الخدمات للمواطنين الامر الذي جعلنا امام ضعف رقابي مقصود، الغرض منه غض الطرف المتبادل عن الفساد حتى ضاعت الحقوق وغابت العدالة الاجتماعية وتفشت البطالة وارتفعت نسبة الفقر، وأصبحنا أمام مشاريع متلكئة على مستوى العراق واصبح الفساد آفة خطيرة تهدد المال العام وتضع البلد على حافة الهاوية.
ونحن ومن باب إحقاق الحق نقول بأن الموقف الشعبي الرافض للاداء الحكومي قد جاء متأخرا بعد نفاد صبر المواطن وانتهاء الذرائع، التي كانت تتخذها الحكومة كمحاربة الارهاب والحرب الطائفية، ولقد وضعت تلك التظاهرات الحكومة والبلاد في منعطفات خطيرة ومهمة لتفرض عليها وضع رؤى جديدة لمفهوم الاصلاح الحقيقي، الذي تطالب به الجماهير ونزفت في سبيله دماء زكية.