قراءة في «الرمز الحسيني وأصالة التعبير»

ثقافة 2020/10/02
...

   تحسين الشويلي
 
الحسين (ع) الإمام الذي يعي انسانيته ويعلن سره العميق من خلال تجربته الحياتية فيتمرد على خروج الملوك والامراء عن الدين وقوانين الحياة، فاختار الموت من اجل الحياة للعبور صوب مديات الشمس بانفتاح افكاره على العتمة الكونية، فصار(ع) المنارة المشرئبة الامتداد نحو الاعالي تنبثق انبثاق عمود النور من صلب الارض لملامسة مديات السماء، فكانت رمزا للنفس التواقة للحرية وتحريرالذات، فوظفها الشعراء في نصوصهم الشعرية وشاهدنا المنجز النقدي (الرمز الحسيني واصالة التعبير قراءات نقدية في القصيدة الحسينية) للناقد علوان السلمان، وهو يخوض في معالم بعض النصوص لبعض الشعراء تحليلا وتفكيكا، ابتداء من الجواهري الذي يخلد واقعة الطف عبر نصه (عاشوراء):
هي النفس تأبى ان تذل وتقهرا ترَىَ الموتَ من صبرٍ على الضيم أيسَرا
وتختارُ محموداً من الذِكرِ خالداً على العيش مذمــــــــــوم المغبة منــكرا
فالانتقال لنص الشاعر بدر شاكر السياب» وانتصر الحسين(ع) « والتي فيها يبدو الشاعر انه لا يريد ان يصور وينقل الطبيعة المأساوية بما فيها من عناصر بقدر ما يريد ان يحملنا على الاحساس بهذه المأساة، كونه يحمل في طياتها وجعا كونيا متمثلا بالحسين(ع) الاسطورة المتجددة مع الازمان كعلامة وجود مستمر باستشهاده وبتلاحمه واختراقه الآفاق الروحية والفكرية التي تشبعت بها ذاكرة الشعراء: 
إرمِ الــســماء بـنـظرة اســتـهــزاء/ و اجعل شــرابك مــن دم الاشـــلاء/ و امـْلأ سراجــك إنْ تـَـقـَـضـّى زيتهُ/ مـمـّـا تــدرُّ نــــواضـِـبُ الاثـــــــداء 
وتستمر القراءات لنصوص شعرية ويقف الناقد على نص الشاعرالدكتور احمد كريم العلياوي(والق دماك) منه:
يوم التقى الجمعان هذا يومـهم لا فـرق فالجـمعان ما زالا هـــــــــما
واذا استعــدت الطف ترسم يومه هرع العراق اليك يحـــــــمل مرسما
 فالشاعر في نصه يجنح صوب اللغة الدرامية باعتماد المشهدية الصورية للتعبير الادائي وتجسيد اللحظة المتوترعلى حد تعبير الناقد.
اما الشاعر الكردي صلاح حسن فيقف على سدرة الحسين(ع) متناغما وحادثة الطف.. منها:
الروح الخالدة للحسين
كانت ترتقي مرقده في رؤياي/ مغطى باوراق السدرة/ موحدا الشيعة والسنة/ تحت فضاء رايته
اما الدكتور الشاعر عارف الساعدي في مدونته العشقية المتحققة في منتصف الحكاية التي مطلعها:
مطـــــرٌ قديـمٌ في القصيدة ينزلُ/ لا توقفـــــوا يده ولا تتبـــــــللوا / مطر يمرُ على تراب حكايتـــي
فيفوح طيــــنٌ والحكاية تهطــلُ/ 
فالنص تميزه اللغة المنطلقة من ضمير المتكلم(انا) وهو يتخذ مسارين شعريين (الواقع 
والحلم)..المعبران عن الحالة النفسية المأزومة بوحدة بنائية احتضنت الفعل الشعري والانفعال الشعوري..
ويبوس شباك الحسيــــن ويسألُ/ هل من حياةٍ في الطريق نعيشها/ أم سوف نبقــــــى عاشقين وُنقتلُ
اما الشاعر مصطفى جمال الدين فيتخذ من الحسين(ع) انموذجه الرمزي ويتفاعل معه بقافيته البائية التي تنطلق من اعماق النفس وبحرها الكامل والتي مطلعها:
 ذكراك..تنطفئ السنين وتغرب ولها على كف الخلود تلهب
ومنها:
انا لست شيعيا لان على فمي ذكرى الحسين، أعيد وفيه وأطنب
ولأن في قلبي عصارة لوعة لأساه تذكرها العــــــيون فتكسب
لكنني أهـــوى الحسين،لانه لساكنين طريق خـــــير أرحــــب
فمخيلة الشاعر تنسج حوارية ذاتية تصف الحالة التي تمتزج بالواقع والخيال المتزامنين..
ثم يعرج الناقد لقراة النص الحسيني عند الشاعر جابر الجابري والذي يجمع بين المتعة 
والمنفعة الفكرية كرسالة يتبناها في مضماره الشعري من خلال التساؤلات التي تطرحها صوره المحتضنة للهم الذاتي والذات الجمعي الاخر. ان الفرات..اذا اهتزت شواطئه وداعبت مــــــــوجه ايماءة النقم
تفيض من موجه المسعور ضفته ويغسل الارض بالاعصار والحمم
تلاه نص الشاعر مهند مصطفى جمال الدين(موعد مع الظفر)الذي فيه يحاول الشاعر الانفتاح على المنقذ.
بـمـقـلـتـيـكَ مـواعـيــــدٌ مـن الـظـفـرِ تــعانــقُ الـمـجــدَ فـي أفــقٍ بـهـــا عـطِرِ
 تــرتّـــــلُ الــحـبّ آيــاتٍ مــطــهــرةً وتــســـتـردُّ رجـاءً ضاع في الــضــــجـر 
ويسترسل الناقد فيقف على نص الشاعر وليد حسين(يا ابن الضياء) ومطلعه:
أبَيْتَ وحَسْبُك.. لم تُظْلمِ مَزيداً من الصَبْرِ والعَلْقمِ
ولن يَسْتفزَّك ذاك الضجيجُ صبوراً على شوطِك المُحكَمِ
لتَرسِمَ أفقا علاهُ الضميرُ وآخرَ من جودِك المُتْخمِ
فالشاعر يشتغل في بناء نصه على السيرورة الزمنية المبنية على سرعة الايقاع الوزني الصافي وتكثيف العبارة وعمق المعنى مع جنوح الى التركيز والايجاز بسياق مقترن بحركة الحياة.. اما الشاعر صادق الطريحي في نصه (ويصير راسك نخلة) فيتميز بتدفق صوري سردي تاريخي لمشهدية الطف الكربلائي وموقف الحسين (ع) واهله واصحابه من المتجاوزين حدود الله.. واخيرا كان نص الشاعر حامد عبدالحسين حميدي(ابا السجاد يا كل نبي)..القائم على مقاربات فنية تنحصر في الشعور الوجداني والتأبيني والعودة الى الماضي كملاذ للتذكر.. ومنها:
وهذا الماء قد شبق العطاشا ليظمأ حين لم يرو الحسينا
فغــص والبــكا لــــف رداء يسير حامـــــلا طفا حزينا
واخيرا يضمن الناقد ملحقين الاول لعبدالرزاق عبدالواحد بمناسبة ولادة الحسين(ع) مطلعها:
هتف البشير فقبّل ابنك ياعلي بالمعنيين مقبلا ومقِبـــــلِ
 والاخر شعبي للناقد ذاته...