انتفاضة تشرين.. استعادة وطن

آراء 2020/10/02
...

 عباس الصباغ  
 
لم تأتِ من فراغ، انتفاضة تشرين السلمية والشبابية العفوية والمكفولة دستوريا والمؤيدة تأييدا شعبيا وجماهيريا كاسحا والتي حظيت بمباركة ودعم المرجعية الرشيدة العليا، فهي ثورة حقيقية انطلقت تحت شعار (نريد وطن) لغرض استعادته ووضع عمليته السياسية المسروقة على السكة الصحيحة، ولم تكن تشرين مجرد فورة حماسية واحتجاجية قامت بها ثلة من الشباب المحتجين امتعاضا من واقعهم المزري، وانما هي انتفاضة اصيلة نبعت من رحم هذا الشعب وكانت ولا تزال بارومترا هادرا عبّر عن ارادة الشعب بأكمله وهي ثورة عراقية وطنية خالصة بعيدة كل البعد عن الاجندات الخارجية المشبوهة مهما كان مصدرها.
وليس الواقع المتردي اقتصاديا واجتماعيا ومعيشيا كان الدافع الرئيس لانطلاق ثورة تشرين المجيدة وانما لتراكم اخطاء وخطايا جميع التأسيسات الدولتية السابقة والفاشلة وماتركته من ويلات على المشهد السيا /سيولوجي/ الاقتصادي العراقي، لاسيما التأسيس الدولتي الاخير (2003 ) الاكثر فشلا والذي تمأسست بموجبه العملية السياسية الحالية، وكان العراقيون يأملون بان يحظوا بواقع افضل يحفظ الحد الادنى من كرامة الانسان معيشيا وهذا لم يحصل، فلم تكن هذه العملية السياسية (المنتخبة) في مستوى طموح العراقيين كونها تمأسست على اسس دولتية/ حكومية خاطئة باعتماد الديمقراطية التمثيلية في أسوأ صورها من حيث الاستناد الى منهج المحاصصة والمشاركة التوافقية وذلك لاستيعاب التناقضات السيا/طائفية/ الاثنية للمشهد العراقي وبدلا من ذلك استشرى الفساد في جميع مسامات الدولة العراقية، ما وضع العراق في ذيل معايير الشفافية الدولية واوصلته الى ان يرزح شعبه تحت خط الفقر والمحرومية وفي ظل تدني صارخ في مستوى خدمات البنى التحتية وتحت رحمة العشوائيات وتفشي البطالة والعوز، وهو يعيش على بحور من الخيرات وفي وقت كانت تذهب موازناته (الانفجارية) الى جيوب الفاسدين، فتبخرت جميع موارد الدولة، فاحسّ العراقيون ان وطنهم قد ضاع منهم الى الابد، فلا بد من استعادته، فجاءت ثورة تشرين المجيدة في سبيل استرجاع الوطن الضائع والمنهوب وتصحيح مسار الدولة العراقية ولم تكن تشرين رغم تضحيات الشهداء الابرار مجرد حركة احتجاجية عابرة في الزمن فهي نهضة تصحيحية وتبقى.