ساطع راجي
الرموز مهمة جدا لظهور واستمرار الدول والمؤسسات، هي تأكيد لوجود فكرة جامعة ورؤية مستقبلية، قد لا ينتبه لها المواطن العادي ولكنه يتعلق بها رغما عنه، ولذلك تسارع الاديان والقوميات والطوائف والمناطق والاحزاب الى اختيار الوان واشارات وايام محددة لتجعل منها لقاء لا واعيا بين الاتباع، تلتصق بها نفوسهم حد التقديس.
عجز القوى الحاكمة في العراق عن تحديد يوم وطني وعلم وشعار ثابتة يعني ان هذه القوى لا تجد ما يجمعها ابدا، وبما ان هذه القوى تدعي انها تمثل المكونات فهي تقدم رسالة خطيرة مفادها ان المكونات العراقية لا يجمع بينها شيء وهي بلا ذاكرة مشتركة، وان العراق يتكون من مجموعة اجزاء قابلة للانفراط في اي لحظة او ازمة.
الاتجاه الحالي لاختيار يوم ٣ تشرين الاول عيدا وطنيا هو محاولة لانهاء خلاف، ورغم التبرير القانوني لاختيار هذا اليوم الذي صار فيه العراق عام ١٩٣٢ عضوا في عصبة الامم المتحدة وهو ما يعتبره كثيرون اعترافا رسميا بالدولة العراقية، الا ان غياب التعلق الوجداني الرسمي والشعبي والحزبي بهذا اليوم المنسي من الذاكرة العراقية يجعل من الاختيار مجرد حل وسط روتيني الى حد تجاهله من قبل الجميع في ذكراه الاخيرة يوم السبت الماضي.
الا يجمع شعب ما على ذكرى واحدة في تاريخه الى حد اختيار عضوية منظمة منحلة قبل ٧٤ عاما وفشلت في تحقيق اهدافها لتكون منطلق ذاكرته المشتركة هو كارثة وطنية يجب تداركها بالعمل على ايجاد مشتركات حقيقية اكثر صلابة من العواطف العابرة والقرارات الدولية القلقة، وهو ما يؤكد اننا مازلنا بعد مئة عام من تشكيل الدولة في حالة بناء متلكئة وان البحث مازال جاريا عن آباء مؤسسين، يبدو ان الزمان شحيح بهم على العراق.