بين تَشْرينَين

آراء 2020/10/05
...

 عبدالزهرة محمد الهنداوي
لم يكن خروج الشباب في الاول من تشرين الاول عام ٢٠١٩، من اجل التمتع باشعة شمس الخريف المتهاودة، ولا من اجل القيام بنزهة قصيرة على شاطئ دجلة، انما كانت تلك التظاهرات تمثل حراكا شعبيا، عبّر خلاله الشباب عن رفضهم للكثير من تفاصيل ومجريات المشهد العراقي، سياسيا واقتصاديا وامنيا، بعد أن بلغت الامور مسارات شبه مغلقة، الانسداد السياسي عبارة عن اندثارات تعرضت لها العملية السياسية منذ ولادتها بعد عام ٢٠٠٣، وما رافق مراحل نموها من تأسيس خاطئ.
الا أن احدا لم يكن يتوقع أن تصل الأمور الى ما وصلت اليه، سواء من خلال الأهداف التي تحققت من الحراك التشريني عام ٢٠١٩، او التداعيات المؤلمة التي نتجت عنه، وفي المقدمة منها استشهاد كوكبة من الشباب، ورجال القوات الأمنية، ومازال المتسبب بقتلهم مجهولا حتى هذه اللحظة، فضلا عما شاب التظاهرات من اعمال عنف وخروج عن السلمية في بعض المواقع والمواقف، ماجعلها تفقد شيئا من زخم التأييد الجماهيري لها، ذلك التأييد الذي كان عارما في الايام والأسابيع الاولى لاندلاع التظاهرات.
ان النتائج التي تحققت كانت كبيرة ، فلأول مرة ينجح الشارع في اجبار حكومة منتخبة على الاستقالة، لتأتي حكومة جديدة بديلة عنها، بصرف النظر عن المخاضات العسيرة التي مرّت بها الحكومة البديلة قبل ولادتها، بالإضافة إلى التغيير الذي شهدته الخريطة السياسية، متمثلا بالإصرار على اجراء انتخابات مبكرة وفق قانون انتخابي جديد، يضمن تمثيلا حقيقيا لجميع شرائح المجتمع.
ولكن يبقى السؤال الأهم، بعد مرور عام على اندلاع التظاهرات، هل تحققت مطالب الحراك الشبابي، لكي نطالب المتظاهرين بالعودة الى بيوتهم، والاعلان رسميا عن إغلاق ساحة التحرير واخواتها في المحافظات؟
بالتأكيد لا، فالشباب ما زالوا يرفعون مطالبهم مطالبين بتحقيقها، وفي مقدمتها توفير فرص عمل كريمة لهم، ثم تأتي باقي المطالب، بين توفير الخدمات وتصحيح مسارات العملية السياسية والقضاء على الفساد وغيرها..
أما خلق فرص العمل، فيبقى يمثل معضلة كبيرة، في ظل تضخم الجسد الحكومي وعدم وجود بيئة مثالية لعمل القطاع الخاص، وإطلاق عمليات الاستثمار على اوسع نطاق، والحل يتطلب وضع سياسات ملزمة واتخاذ إجراءات قد تكون مرفوضة، ولكنها مفروضة بحكم شدة التعقيدات التي يواجهها العراق.