التطرف وسايكولوجيَّة الجماعات المقهورة

آراء 2020/10/05
...

  علي المرهج
تبحث الجماعات المقهورة ـ في الغالب الأعم ـ عن مشابه لها عقائدي أو ديني أو عرقي أو ايديولوجي، وربما كل هذه المشتركات معاً تجدها في داعم لها خارج حدود الوطن، ليتحول نضالها للاعتراف بحقها في المساواة لولاء، لآخر يستغل مشاعر القهر والحرمان التي عاشتها هذه الجماعات تحت ظل الديكتاتوريات تارة، وطاعتها لقادة مأجورين أحسنت الظن بهم تارة أخرى.
الجماعات المقهورة جماعات تختلط فيها مشاعر المحبة مع مشاعر الكُره، فبلحظة تجدهم محبين، لأنك صرَحت بقول يُداعب مشاعرهم (الايديولوجية أو المذهبية أو العرقية) وإن كُنت من المشاهير (شيَروا) قولك هذا في وسائل تواصلهم الاجتماعي وإن كُنت من الفاسقين! بحسب منظورهم الاعتقادي.
لا ضابط لهذه الجماعات في المحبة والكُره، وما يضبط سيمفونية القهر عندهم هو تصريح أو تلميح عن حجم مُعاناتهم لتسقط الفروض والأحكام عن القائلين بهذا القول وإن لم يكن قولهم هذا بقصد اتباع لنهجهم. 
تكتب الجماعات المقهورة تاريخاً لها في (المُتخيل) خارج التاريخ الرسمي المتداول في الموروث العام للشعوب،
تحتفظ بتمركزها حول الذات وتتطرف حينما يكون التطرف سلاحاً يواجهون به من يُنكر هويتهم الايديولوجية (العقائدية) أو الدينية وحتى العرقية.
الأخلاق في منظور الجماعات المقهورة هي أخلاق ورثوها وهي مناقضة حتماً لأخلاق جماعات لهم مُناضرة في الهوية الوطنية ومناقضة في التوجه المذهبي أو الديني والعرقي والقومي، لنجد التصادم حاصلاً بين "الهويات الفرعية" و "الهوية الوطنية".
لم يُحسن (الغرب الكولنيالي) العلاقة معنَا نحن أبناء الشرق (المقهورة)، وما عودتنا للسلف الصالح واعتمادنا على قول الإمام مالك (رحمه الله) (لا يصلح أمر آخر هذه الأمة إلَا بما صلح به أولها) سوى عود على بدء، أي أن أمر آخر هذه الأمة (المقهورة) لا يصلح إلَا اذا أجاد به السلف في إصلاح أمر الأمة، وهو شعار رفعه كل دعاة السلفية على اختلاف توجهاتهم، لأن مفكري ومستشرقي الغرب الكولنيالي (الاستعماري) لم يُحسنوا التعامل مع شعوبنا المقهورة والمظلومة، فتعاملوا معهم على أنهم بشر من "الدرجة الثانية"، وقل الثالثة!، فكيف لشعوب قهرها الاستبداد والاستعباد والاستعمار أن تنهض؟!.