محمد صادق جراد
على وقع أقدام السائرين الى كربلاء في أربعينية الإمام الحسين عليه السلام ترتقي مفاهيم الثورة الحسينية العظيمة التي أطلق شرارتها سيد الشهداء لتصحيح المسار وتحرير الإنسان من قيود الاستبداد والظلم، والوقوف بوجه الفساد والانحراف الذي كانت تمارسه السلطة الأموية في ذلك الوقت. ومن هنا نقول بأن الثورة الحسينية هي ثورة إلهية وإنسانية تلهم الثوار في كل مكان الوقوف بوجه الفاسدين والظالمين، فهي ثورة خالدة لم تقتصر على زمان او مكان او جهة معينة بل هي صرخة مستمرة، الهدف منها تحرير الانسان من قيود الشهوات والظلم والاستبداد. فالفساد والانحراف الذي مارسته السلطات في زمن الإمام الحسين أسهمت في تغيير ملامح المجتمع الاسلامي وحولته الى مجتمع جاهلي المحتوى واسلامي المظهر، الامر الذي تطلب من رجل كالحسين عليه السلام القيام بثورة عظيمة وتضحيات كبيرة لتسهم في إيقاظ الضمائر النائمة، إذ دفعه حرصه على الإسلام الى التضحية الكبرى والوقوف بوجه الظالمين فقال: «ما خرجت أشرا ولا بطرا، إنما خرجت طلبا للإصلاح في أمة جدي رسول الله ص).
ومما تقدم يمكننا القول بأن ثورة الامام الحسين كانت تهدف الى إعادة رسم شخصية الفرد وتشجيعه على الوقوف بوجه الظلم والتصدي للممارسات الخاطئة والفاسدة التي تقوم بها السلطات الحاكمة. فما أحوجنا اليوم لتصحيح المسار وإعادة رسم شخصية الناس الذين اصبحوا يرضخون للظلم والاستبداد. ولهذا تجلت مفاهيم وقيم ثورة الامام الحسين (ع) لدى جميع الشباب الثائرين في العالم، وأصبح ملهما لهم ومنهم الشباب العراقي الذي خرج لتصحيح المسار في العراق عبر التظاهرات في ثورة تشرين التي شهدت تقديم شهداء وتضحيات كبيرة في سبيل الاصلاح السياسي والاقتصادي، وفي سبيل تحقيق العدل والمساواة في بلد يعاني من سوء الإدارة وهدر كبير في المال العام، وفشل في تقديم الخدمات للشعب على مدار سنوات طويلة.
إن من أهم أسرار خلود ثورة الإمام الحسين عليه السلام أنها إلهية وانسانية تلهم الثوار في كل مكان بمختلف انتماءاتهم بما قدمته لهم من قيمٍ ومثلٍ عُليا حتى جعلوا منها نبراسا لتطلعاتهم واحلامهم بالحرية والعدالة.