حسين الذكر
منذ الثمانينيات حتى التسعينيات كان السفر ممنوعاً – عدا أهل السلطة وأدواتها آنذاك – بعد أن تم سوق العراقيين الى جبهات قتال قسريّة الخضوع لمقتضياتها.. ثم حل عهد التسعينات بحصار أممي جائر قصدي السياسية والهدف، شكّل كتما وقيدا مجتمعيا لا يسمح بالسفر إلا عبر بوابة الأردن الشقيق حصرا وبتكاليف إعجازية لا يقدر عليها شعب محاصر بقيود أممية وإجراءات حكومية
مميتة..
ثم حل العهد الجديد بكل طموحات العراقيين وأتيح لعدد أكبر من شرائح الشعب السفر بعد تحسّن نسبي بالوضع المادي.. لكن المشكلة ظلت قائمة في ما يتعلق بجواز وإجراءات السفر ومقتضياته في ظل عراق ما زال يدور بحلقة عدم تحسين العلاقات والانتفاح العالمي مرفق بعجز تام للجهات المعنية عن توقيع اتفاقات تتيح للمواطن السفر بحرية، لاسيما في بلداننا العربية التي أصبح إذن دخولها معقدا عصيا يفضح (مقولة الأمة والقمة العربية والمصير المشترك) .. إلا من بوابة الاجندات السياسية ووسائل الضغط الظلامية ..
المشكلة تخص الشعب، فمزدوجو الجنسية يتنقلون بحرية تامة.. والجواز العراقي ما زال الأسوأ، وبين آخر قوائم جوازات العالم.. والفيزا لا تعطى إلا بمقتضيات سياسية... اكثر من كونها إجراءات امنية روتينية جعلت من السفر شبه مستحيل ..
ثم حل كوفيد بجائحته التي قتلت ما تبقى من أحلام يقظة.. صحيح ان كورونا عالمية الشكل والتداعيات.. إلا أن النخب ما زالوا محلقين كما يحبون ويريدون (وهذا ليس حراما ولا جريمة) .. لكن حصر الإجراءات بعقمها القديم وإن بدت بتمظهر جديد وتبرير أحدث يشكل ضربة موجعة لصميم الديمقراطية والحرية والشفافية... فضلا عن حال مواطن تواق لحرية بعد سجن عقود وتضحيات غالية..
فمساحة العراقيين محدودة جدا في السفر كأنهم منبوذون عالميا.. وهذا الواقع وما بلغناه تتحمله الدولة عامة ووزارة الخارجية خاصة برغم وجود سفارات وقنصليات وممثليات عراقية بانحاء العالم تشكل عبئا على ميزانية الدولة.. التي أصبح توزيع رواتب موظفيها من أهم أهدافها وستراتيجياتها.