في إهداء المجموعة الشعرية (جدائل شنكَال)، كتب مهند صلاح «إلى الايزيديين/ وهم يخرجون من نافذة قلبي/ ليعلنوا السلام»، ليعلن أن القصائد التالية هي: (مولعة بالجمال والجنون فقط/ انها تمسك بالنبضات/ فترتب ملامحها/ تتسابق لتكون هي الاولى في الحياة/ وتعيد تدوير وجعنا/ لتصنعه جميلا. لا شيء يستحق/ هذا النفق الطويل/ لا يتعدى وهما مازال ينتظر أسنانه، وهذه الفوضى/ محطات مغرمة بانصهاراتنا/ لا شيء يستحق فكل هذه العربات/ ستمتلئ بجثاميننا ذات صمت/ وهذا الصخب الثقيل/ لا يستحق ابتسامة قصيدة مؤقتة./ استغفر خطيئة الجنون/ واحلق بلا ظلي، وادع لفمي فسحة الخلق/ كي يخيط قميص الأمنيات/ ويشذب بصوته الحزين/ انوثة الاماكن/ وهي تسمر فاكهة احلامها على مسطرة الأسماء).
ويوجه الشاعر، القارئ في مجموعته الشعرية الصادرة حديثاً عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين، إلى ما يقارب (24) قصيدة تلتقط كما يقول صلاح (خارطة المجازر/ لذاكرتي اخضرار جبل سنجار/ وتينه المغلف بالحياة/ والمعجون بحلاوة شنكال)، فضلاً عن الكوابيس السوداء، وخشونة السبي، وناصية المذابح، والجثث التي بلا مقابر، والموت خلسة وغير ذلك. ومن عناوين هذه القصائد: (الرسالة الأخيرة، خمسون رأساً مقطوعا، الشعراء، شنكال بطعم الرؤيا، أين حقي؟!، ظل الرحيل، فقراء، هل لاتزال سنجار بخير؟!، رجال الشمس، لذة، صورة الوجع، ببلوغرافيا الوطن، ملائكة بورك، وغيرها).
ويقدم صلاح في قصيدة «العودة من الجحيم» مزيداً من التفاصيل حول سنجار (شنكال) البلدة الصغيرة التي تقع غربي الموصل في الصحراء العراقية قرب الحدود السورية ويسكنها السريان المسيحيون والايزيديون منذ القدم وما حدث لها عند هجوم عصابات «داعش» الإرهابية عليها، يقول في بعض منها: (وأنت تلبسين رائحة الحياة/ تذكري شجرة الراحلين/ واِستنشقي الهدوء/ بنفس شنكالي جداً/ ستمطر سماء أيامك حينها/ الكثير من الآباء المذبوحين/ والأمهات مقطوعات الأثداء/ والأطفال المشنوقين باسم الرب/ والكثير من الأيادي/ التي نزعوا من بنصرها الحب./ ستلوذين بأطلال الدخان/ والمدن العارية/ وأشجار الطفولة/ ولن تجدي/ سوى قطار من القتلى/ ومحطات معبأة بالموت).
وفي مقطع من قصيدة «ببلوغرافيا الوطن» يتحدث الشاعر عن خرائط الوطن وتقاسيمه بلغة شعرية جذابة رغم الألم، فيقول: (الشهداء لا يسقطون/ إنهم ببساطة/ يعقدون قداس رحيلهم/ فتستطيل الحياة/ لتكون على مقاس أوطانهم / الأوطان التي تمضغ أحلامهم/ وتفتح صنبور أوجاعها/ من رأس الحكاية/ فتشرب الشعوب نخب ثورتهم / ويصنع الساسة من جثثهم/ سروجا يمتطونها/ ليكونوا أبطالا من ورق/ نحن نتيمم الطريق/ ونعتصر فاكهة البكاء/ لنؤدي صلاة البلاد/ وصور الأرواح/ لا تزال مضرجة بسؤال الفقد/ كم خزينا للدم يكفي/ لنؤسس سؤال الحياة؟/ وكم من القوافل/ عليها أن تسبى/ لنستبيح خرائط السلام؟/ يخرج الفلاح صباحا/ ليحرث قارعة الطريق/ فتنغمس بنادق الإقطاعيين/ في قلبه الطفولي/ وتخرج روحه/ على هيئة عصفور/ يغني نشيد التحرير/ بينما تجلس الأمهات/ وهن يحتضن رائحة الغياب/ عسى أن يولد حلم/ أبطاله راحلون). جاء الكتاب في (125) صفحة من القطع المتوسط.