القطاع غير المنظم

آراء 2020/10/13
...

 حميد طارش *

يقصد بالقطاع غير المنظم فئة الأعمال التي تضم الباعة المتجولين واصحاب البسطيات والمزارعين والرعاة والصيادين واصحاب المهن المنزلية والخدمة المنزلية وماشابه من الذين يعملون لحسابهم الخاص، ويعد هذا القطاع أحد الاعمدة الاقتصادية المهمة الى جانب القطاع العام والقطاع الخاص، لكنه لا يحظى باهتمام الحكومات من حيث دوره في الاقتصاد القومي، ويعاني هذا القطاع من مشكلة حقيقية تكمن بعدم وجود اي ضمان اجتماعي للعاملين فيه عند التعرض الى فقدان العمل او العجز او الشيخوخة او المرض او اصابات العمل او الوفاة وحرمانهم من مزايا المعايير الدولية للعمل، مثل تحديد ساعات العمل والاجازة والاجور العادلة والسلامة المهنية وتلقي التدريب المهني، كما يشكل الوضع الاقتصادي الهش تحديا كبيرا في تفكك الاسر عند فقدان معيلهم، ما يدفع الى تسرب الطلاب من المدارس لتأمين فرصة العيش او الهجرة او الانخراط في أعمال غير مشروعة وهي بذلك تفرز بيئة متوترة وساخنة اجتماعيا وسياسيا تهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي باستمرار ونعلم جميعا، بأن شرارة الربيع العربي بدأت من هذه البيئة، عندما احرق الشاب التونسي بوعزيزه نفسه بعد مصادرة عربته واهانته كونه احد العاملين في القطاع غير المنظم.
ادرك المجتمع الدولي أهمية القطاع المذكور والمتمثلة بتخفيف حدة البطالة من خلال تأمين فرص العمل التي يعجز عن تأمينها القطاع الحكومي وسد احتياجات الاخير من السلع والخدمات، فضلا عن ضمان ظروف معيشية واطئة الكلفة لرخص سلعه وخدماته المقدمة للمواطنين، وتشخيص معاناته المتمثلة بغياب ضماناته، وقد لاحظت الاهتمام الدولي للقطاع المذكور، شخصيا، عن طريق عضويتي في اللجنة التي شكلتها منظمة العمل الدولية في مؤتمر جنيف في حزيران 2014 ، ورئاستي للجنة التي شكلتها منظمة العمل العربية في مؤتمر القاهرة في ايلول 2014.
للاسف حتى الآن لم يتم التصويت على مشروع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي لاقراره وقد تضمن المشروع ضمان فئات عديدة من القطاع المذكور، فضلا عن امكانية اضافة فئات اخرى كما تضمن النص على قيام الحكومة بدفع جزء من الاستقطاعات الشهرية تضاف لما يدفعه المضمون، أسوة بالموظفين وبذلك تحقق الدولة المساواة بين ابنائها وهنا يمكن للحكومة من استثمار استقطاعاتهم في مشاريع متنوعة تسهم في رخاء المجتمع وبناء الدولة. 
* باحث قانوني