د. سعد العبيدي
لقد تعرض الأيزيديون المتمركزون في الشمال العراقي، للظلم أكثر من مرة، كانت المرة الأولى ظلماً دينياً، تأسس على فشل من حولهم (عرباً وأكراداً) في تفسير ثقافتهم المتفردة وطريقتهم في العبادة، وتعاملوا معهم رفضاً وجودياً يقترب من حدود التكفير.
وكانت الثانية ظلماً قومياً، أقيم على دعاوى المركز في بغداد من أنهم عرب ودعموا حججهم بتراث اللبس وتواجد آخرون منهم في مناطق أخرى من أرض العرب، وادعى الأكراد القريبون أصولهم الكردية، داعمين حججهم باللغة والأرض، دعاوى حشرتهم في خطوط النار أهداف تجاذب وانقسام حداً قربتهم من حدود التيه في جوانب المشاعر والانتماء.
وظلموا في الحرب مع عصابات داعش، عندما تركوا عزلاً وحيدين بمواجه إرهاب دولي جاء الى أرض العراق من أجل التفرقة والتقسيم.
وكانت آخر معالم ظلم بعد تحرير المنطقة من داعش، إذ حشروا في ساحة التصارع الدولي طرفاً وضعهم تحت رحمة حزب العمال الكردستاني التركي من جهة والقوات التركية من جهة ومؤسسات الدولة من الجهة المقابلة، تعدد جهات دفعت بحياتهم الى أن تكون مضطربة غير آمنة طوال
الوقت.
لقد تغير الزمن في عالم اليوم واختلفت النظرة الى القوميات والأديان، وخطت الحكومة الاتحادية مع حكومة الإقليم أخيراً خطوات تبادل للثقة صحيحة باتجاه التقليل من الظلم الواقع على هذه الشريحة من أهل العراق، حيث الاتفاق على إخلاء منطقتهم من هذا الجمع غير المتجانس من القوات متعددة التوجهات، واختصار التواجد على القوات الأمنية الاتحادية في سنجار مركز الايزيديين، لكنها خطوة، وإن كانت صحيحة، فإن نجاحها لن يكون مضموناً اذا لم يتمتع الايزيديون بحريتهم في العبادة والانتماء، وإذا لم يتخذوا هم أنفسهم قراراً في البقاء قوماً لهم خصوصيتهم لا يتبعون هذا ولا ذاك.