‏ شيـــزوفــريـنـيـا

ثقافة 2020/10/13
...

  مهدي القريشي 
 
منذُ طفولتِهِ كان يقضم الوقتَ 
من أطرافِهِ فيتأخر عن أخوتهِ في الالتحاق بدوامِ المدرسةِ. 
وحين تتراكم الأسئلة عنه تتمزق أوراق دهشتهم كونه يضيع في هدوئه
أو قد يكون معلقاً في ضفيرةِ أُنْثَى
لم يرسم جرحاً في باب جامع 
ولَم يستأذن أجراس كنيسة لتنبئه عن الوقت المهدور على سلم خطاياه 
ولم يروض جسده بين راهبات دَيْر. 
كثيراً ما دهنت الملائكة جسده بالادعية فتنزلق أصابعهم الناعمة نحو سُرَّة المعنى .
الألعاب الرياضية، زحف الهوس على الطمأنينة 
لذلك لا يخشى على رؤوس العشب الممتلئة زنابقاً بالانحناء، 
وأصوات الجمهور الرطبة سرقتها الريح مع الأناشيد الوطنية. 
حينما يتحدث مع النباتات تفرح كثيراً وتصغي لحكمتهِ التي توارثتها في تحسين النسل، لكنه فشل في عَدِ النجوم متبرماً بشيطنة الغيوم. 
 وحين مسك الغيمة من ذيلها سألها أين تَصِلين؟ أحابته أنا أتنزه.
كثيراً ما اشاهده في المرآة يملأ جيبه حصىً، يتلمس فحولتهنَّ متسائلاً عن خداعهنَّ في مجمرة القذف، 
صديقي ينتظر وأنا أتظاهر  بالدهشة .
وَقَفَ مَذْهُولاً
 كيف صار اليومُ غداً 
والامس بَعْدَ غَدٍ.؟ 
يفرح كثيراً حين ينقص من العالم واحد ويدعو الله أن يوبخ عزرائيل لكسله.
لم يتوسل فم التاريخ ان يقذفَ اعاصيره ليرى ندوب الحروب كشهقات راعفة أو غناء أحمر.
فاشمأز من حياة ماندلا، و مارتن لوثر كنغ، وجان دارك، وجيفارا، وعلي بن أبي طالب . 
 ولم تكتمل سعادته الا حين يفكك حروفاً يغمر فصولها الخجل.  
يرتدي قبوط هتلر ويتمنى أن يحضر حفلة الهولوكوست ويتشمم رائحة الشواء .
يخبر والده مستأنساً.. ستالين نفى الكسندر سولجنتسين
فيبصق في وجهه فتسقط الفرحة بين أكداس الخجل 
فيمني نفسه بحكمة خالد حين عادَلَ قدر الطعام برأس إبن نويرة..
عند احالته على التقاعد لم يطلب من زملائه حفلة للوداع.
وردٌ أسود تنبعث منه رائحة المجهولين في برادات الموتى، يكفي.  
يصطاد الادعية المتبخرة من المنائر فيودعها عند الاسكافي .
للان لم يفقد بوصلته 
رغم أن آثارَ أصدقائه جرفتها الريحُ .
هو.. أنا.