انتهاكُ الحدود العراقية تعدٍ على السيادة

آراء 2020/10/14
...

  زهير كاظم عبود 
 
 
 
تطورت العلاقات بين الدول على أساس الاحترام المتبادل لسيادة كل دولة بما يعزز ويطور العلاقة بين الشعوب، وبما يرسخ مبادئ السلام العالمي والتمسك بحقوق الإنسان، وقد صدر ميثاق الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 26/ حزيران /1945  وفقا لهذا الأساس، وتسعى  المنظمة الدولية لحفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الأمم المتحدة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب، التي تهدد السلم العالمي والعمل على إزالتها، وتقف بالضد من  أعمال العدوان وغيرها من اشكال الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى هذا الإخلال أو لتسويتها.
ويرتبط العراق بحدود مع عدة دول على وفق اعتبارات الجيرة والمصالح المتبادلة واحترام السيادة ومراعاة حسن الجوار،  والالتزام بعدم  التدخل في شؤونها الداخلية والعديد من القضايا المشتركة. 
إلا أننا نلمس بين فترة وأخرى قيام الجارة تركيا بقصف قرى وقصبات ومناطق عراقية  حدودية، وبزعم تواجد عناصر قوات حزب العمال الكردستاني التركي في تلك المناطق، كما أن قواعد عسكرية ومناطق تواجد عسكري تركي  أقيمت فوق  الأراضي العراقية  في فترات متعاقبة، وهذا التواجد حسب ما ذكر يستند الى اتفاقية، عقدها الجانب التركي مع الحكومة العراقية في العام 1994، يسمح  بموجبها للقوات التركية بتنفيذ ضربات جوية ضد الأماكن، التي يلجأ إليها عناصر حزب العمال عبر الحدود العراقية، كما يسمح للقوات التركية بالتوغل البري إلى عمق 25 كيلومترًا على طول الشريط الحدودي، تم التمديد لها في العام 2007، وتم استغلال تلك الاتفاقية بشكل منافٍ لبنودها، حيث توغلت القوات التركية مرات عدة لأبعد من هذه المسافة، وروعت القوة العسكرية الفلاحين والمواطنين المدنيين في تلك
 المناطق. 
إنَّ هذا التواجد الفعلي للقواعد التركية يشكل انتهاكا صارخا للسيادة العراقية، وتعديا على مبدأ حسن الجوار وعلى العلاقات والمصالح المشتركة بين البلدين، فإن كان هذا التواجد يستند الى اتفاقية سرية أو معلنة، فإن مبدأ السيادة والاستقلال يتناقض مع هذا الاتفاق، إضافة إلى أن الأضرار والخسائر بالأرواح والممتلكات يتحملها الجانب التركي وفقا للقانون الدولي. 
وإن كان تعديا وتحديا فإن الواجب يقتضي استخدام  مبدأ حل المنازعات بالوسائل السلمية واحترام الالتزامات الدولية، والاستعانة بمجلس الأمن وبالمعاهدات التي عقدها العراق مع أطراف دولية أخرى للوقوف معه عند نشوء خطر خارجي ووقوع عدوان من شأنه ينتهك السيادة ووحدة الأراضي العراقية،  وبتاريخ  12 كانون الاول 2015 قدم العراق احتجاجا رسميا لمجلس الأمن الدولي على تواجد القوات المسلحة التركية قرب مدينة الموصل شمال العراق، إلا إننا لم نلمس النتائج الفعلية لهذا الاحتجاج ، علما إننا نرتبط باتفاقية أمنية مع الجانب الأمريكي لم تكن لها أية فعالية أو تأثير في هذه الخروقات ومساندة مثل هذه الشكوى
 والاحتجاجات   . 
وتزعم تركيا أن وجود مخيم عسكري تركي قرب بلدة بعشيقة كان من اجل تدريب عناصر البيشمركة، وهذه الحال ترتبط بموافقة القيادة العليا وفقا لقرار من مجلس النواب، ولا يمكن أن يكون بقرار منفرد من الإقليم،  لأن الوجود الأجنبي مهما كانت جنسيته يخضع للقواعد الأساسية في الدستور
 العراقي . 
تنطلق دعوات رسمية ومطالبات شعبية تدعو مجلس النواب الى إلغاء جميع أشكال الاتفاقيات التي تنتهك السيادة العراقية. 
ويستوجب مبدأ الحرص على السيادة العراقية رفض جميع أشكال التواجد الأجنبي على الأراضي العراقية، وألا نجعل العراق معبرا وجسرا أو ملاذا لصراعات ومعارك لسنا طرفا فيها، ولا مصلحة لنا فيها ، وتحدث ضررا بليغا بالسيادة الوطنية للبلاد. 
وحرصا على عدم تردي العلاقات بين البلدين، وترسيخا لمبدأ المصالح المشتركة، فإن  على الجارة تركيا أن تكون حريصة  على احترام السيادة العراقية، وأن تتعاون وتقدم الدليل على احترام منطق القانون والشرعية الدولية والقانون الدولي ومبدأ حسن الجوار، ويفرض هذا الموقف  الى التخفيف من حدة التوتر، وليس من مصلحة الحكومة في تركيا مثل هذه الفعاليات التي تتجاوز فيها على الأراضي العراقية وتتعدى على القانون
 الدولي .