لقد تميزت الثقافة العربية بارتكازها على منظومة من القيم الروحية والفكرية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية والسياسية إذ تشكل في مجموعها الهيكل الأساس للهوية العربية، وإذا كانت الثقافة هي التي تفضي على الحياة الإنسانية معناها وقيمها فإنها إنما تضفيها من خلال إطار الافكار التي تحملها، إذ يحدد الإنسان اتجاها في الحياة والفكر وفقاً للافكار التي تحكم سلوكه وأفعاله يعيش في وقتنا الحاضر، وفي البلدان جميعها على حد سواء، عبر مسيرة تتصف بالتأمل الشامل والنظرة الفاحصة، والتحليل العقلي الناقد لمختلف مجالات الحياة بمعطياتها المتعددة ومتغيراتها المتشعبة لأجل تحقيق كيانه واستقراره، منطلقاً من واقعه الراهن، مرتكزاً على معطيات ماضيه، لرسم تطلعاته وتأملاته لمعالم المستقبل، ان مفكرنا عناد عزوان الغائب الحاضر بيننا غرس فينا من الفكر ما يجعله حاضرا في كل صورة عبر عنها، فعندما قرأت له تذكرت صورة جميلة في مخيلتي إذ انني لم التقي به إلا مرات قليلة فيراودني شعور عندما أقرأ له أن ما يحمله من صفات وفكر لم يوصف بها ادباء وعلماء الثقافة العربية في عصور عزها وازدهارها، فعندما نطلع على كتاباته نجده اديبا وشاعرا وكاتبا وفيلسوفا واهم هذه الصفات انه تربوي تواصل مع المتلقي.
له من الاراء التربوية والاقوال والنقد الشعري ما يجعله يحمل موروثا تاريخا فقد كان له اثر كبير على الفن مما جعله المرآة التي تعكس الكثير من جوانب البيئة العربية بما فيها من قسوة النظام القبلي والبيئات الاجتماعية الصارمة، إذ جسدها بصور متعددة وقد أسهم مفكرنا في النقد الادبي واهتم بالاثر الادبي في نظريات علم النفس، كان يحاول من خلال ذلك كشف وقائع او علاقات لم يكشف عنها النقاد، لقد وجدنا في مفكرنا عناد غزوان شخصية متكاملة اذ كانت له استعدادات مهنية عالية حققت نتائج ابداعية كبيرة مع طلبته لقد استعمل مع الطلبة طريقة الحوار والمراجعة والاستفهام والاستنطاق، أما أسلوبه في التفسير والحديث فقد اعتمد على التطبيق والتحقيق وسوق العبر وصوغ العظات، ومن أخص صفاته في التدريس أنه لا يشعرك بثقل القواعد وجفاف الحقائق العلمية بل يفيض عليك من روحه الأدبية وحياته الاجتماعية ونشاطه المستديم ما يكسبك نشاطا ومرحا ورغبة في العلم وتعطشا له فقد وصفه أقرانه بأنه اجتماعي ذو ألفه وقلب رحب وذو بساطة تجعل الناس ترغب بالتقرب منه.
وهذا يؤكد اخلاقه العالية التي تؤمن بالجماعة والمساواة الانسانية، اما ثقافته فقد تضمنت معارفه العلمية الاساسية في التاريخ والشعر والنقد والتربية والطبيعة والمجتمع الانساني وكل ذلك تمثل بمكتبات الفن والثقافة والتربية فهي تفاصيل تنبع من الانسان الواسع الثقافة وبهذه الصفات نخرج بأن مفكرنا رحمه الله القدير كان انسانا راسخا في الانسانية ومتكامل الشخصية وقد أثبت خصائصه النفسية والابداعية فهو مفكر مقدام وجريء وأصيل.