محمد صادق جراد
من البديهي ألا يتم تحميل الحكومة الحالية أسباب تدهور الاقتصاد العراقي الذي وصل بنا الى عجز الدولة عن تسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين الا أنها، أي الحكومة مطالبة بتحمل مسؤوليتها عبر اتخاذ خطوات إصلاحية حقيقية باتجاه إنقاذ ما يمكن انقاذه بسبب السياسات الخاطئة وفساد الحكومات السابقة. ويبدو أن الورقة البيضاء، التي اعلنتها الحكومة تأتي من هذا المنطلق، اذ إن عملية طرح ورقة إصلاحية حقيقية أصبح أمرا ضروريا في ظل الأزمات الاقتصادية،
التي يعاني منها العراق في الوقت الراهن وفي ظل عجز الدولة عن توفير رواتب المواطنين وارتفاع مؤشرات العجز في الموازنة، بسبب الاعتماد على الاقتصاد الريعي الذي يتوقف على تصدير النفط، كمصدر رئيس ووحيد لدعم الموازنة العامة والتراجع الكبير، الذي شهدته القطاعات الاقتصادية الاخرى كالصناعة والزراعة والسياحة وتهميش دور القطاع الخاص وتعطيل الدور المهم لهذا القطاع الحيوي، إضافة الى عدم سيطرة الدولة على الكثير من الموارد المالية، كالمنافذ الحدودية وموارد أخرى متعلقة بالوزارات والفساد الذي يسهم في هدر المال العام منذ سنوات دون محاسبة الفاسدين وسراق المال العام .
ولا بدّ من أن يعرف الجميع خطورة الموقف الحالي وتأثيره في الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد وضرورة وضع الحلول الواقعية ونرى هنا أنَّ من أهم أسباب نجاح هذه الورقة او أي ورقة إصلاحية اخرى هو توفر الإرادة الحقيقية لمعالجة أخطاء العمل السياسي بقدر تعلقه بالعمل الاقتصادي، فكما يعرف الجميع إنَّ القوى السياسية قد تقاسمت المكاسب وانشغلت بالصراعات على المناصب والوزارات من اجل خدمة الحزب والكتلة وتقاسمت موارد الدولة، وغضت الطرف عن الهدر الكبير في المال العام وعطلت القوانين التي تسهم في تطوير الاقتصاد العراقي، لاسيما قوانين الاستثمار وتنشيط القطاع الخاص واعتمدت على الاستيراد العشوائي الذي يصب في صالحها ويضر بالاقتصاد العراقي بصورة كبيرة.
مانريد أن نقوله هنا إن الاصلاح الحقيقي يتوقف على اصلاح طريقة ادارة الدولة وان تكون الوزارات والمؤسسات في خدمة المواطن وليس في خدمة الحزب والكتلة وتعمل على حفظ وتنمية موارد الدولة، وعلى من يريد نجاح الورقة البيضاء ان ينتبه على هذه الحقيقة.