في أول جلسة تُقام أمام الحضور الحي منذ بداية وباء كورونا العالمي استذكر الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، الساردين حميد الربيعي ومحمد علوان جبر وسط إجراءات وقائية مشددة.وكان الحضور من الأدباء والمثقفين يرتدون الكمامات بينما القصاصات الورقية البيضاء كانت تهدف إلى لفت الانتباه لضرورة التباعد الاجتماعي بين كرسي وآخر.ووصف السارد خالد ناجي الذي أدار جلسة الاستذكار بأنها "الوفاء" لراحلين عزيزين لا تعوّض مكانتهما.
محمد علوان جبر
في المجموعة القصصية "شرق بعيد" للروائي والقاص محمد علوان جبر، يعرفنا الناقد د.سمير الخليل عبر الجلسة على محتوى صفحاتها التي تضمنت 16 قصة تدور أحداثها عن ثيمة الرعب والموت.
وقال الخليل: إن "قصص المجموعة تعددت فيها الرؤى والأساليب، وتعكس رعب الواقع الذي واكب حياة العراقيين بين عامي (2006- 2008)".وحرص الخليل خلال حديثه عن قصة (نزهة) بوصفها تخلق واقعاً آخر يخفف من قلقنا أزاء الموت في البلاد، أن يطلق على عنوانها تسمية (الكارثي). إذ يرى الناقد "من الكوارث أن يكون الموت نزهة".
أما في قصة (المحطة) فقد حاول القاص، حسب الخليل، أن ينوع فيها بين الشعري والمحكي والحوار الداخلي، أي بمعنى أن هناك تقنيات متعددة في قصة واحدة.
الخليل يرى أن علوان في هذه القصة لجأ إلى النهاية المفتوحة حتى يجعل المتلقي هو من يضع نهاية لهذا الرعب الذي يعيشه آنذاك.
ولا تصب مشاركة الخليل على المجموعة القصصية "شرق بعيد" فقط، بل تناول أيضا رواية "لماذا تكرهين ريمارك؟" وعمل الروائي الذي صاغها بنهج، أو لنقل باهتمام ابداعي للجسد وحاجاته وعمق معالجته التي قدمها في الأشياء التي نرتديها، مثل (الملابس، النظارات.. والخ) وتأقلم هذه الأشياء مع الجسد لتصبح بعد ذلك جزءاً منه.صدر للروائي والقاص محمد علوان جبر العديد من المجاميع القصصية والروايات، منها "تماثيل تمضي. تماثيل تعود"، "تفاحة سقراط"، "شرق بعيد"، "ذاكرة أرانجا"، "تراتيل العكاز الأخير"، "لماذا تكرهين ريمارك؟".
حميد الربيعي
وتحدث الناقد علوان السلمان عبر جلسة الاستذكار عن النص السردي، وكيف أنه اعتمد على اشتغال لغوي يتساوق في عوالمه البنائية وعناصر الجمال وكوامن الوجد، عبر كل حركات التجريب حتى المتوالية السردية التي شكلت شكلاً من أشكال الحداثة بتحالفاتها والتحولات الفكرية والفنية والمؤثرات الخارجية.
وقال سلمان عن المجموعة القصصية (غيمة عطر) للراحل حميد الربيعي إن "المتوالية القصصية للمجموعة التي أفرزت عوالمها ذهنية متفتحة على فضاءات معرفية، كشفت عن مغامرة إبداعية ذات مضمون مشترك ثيمتها الأساس الإنسان وما يحيط به، فضلا عن انتمائها الى مناخ نفسي وبناء درامي زمكاني، يدخل في إطار التجريب الذي يبحث عميقا في المتخيل باشتغاله المتوالي على الغرائبية والعجائبية الممزوجة بالواقع".ووصفها الناقد عبر مشاركته بأنها "نزعة إنسانية" قوامها ابتكار ما هو عجيب، متجاوزة للمألوف لتحقيق ما لا يمكن تحقيقه باعتمادها روافد (دينية وتاريخية وأسطورية وتراثية تاريخية وسيرة شعبية).
لقد اتخذ الربيعي في مجموعته هذه، وفق السلمان، منهج الاستقراء اللحظوي مع اعتماد التكثيف الدلالي والغوص في العمق التاريخي الذي يحكم ستراتيجية النص التي تجعل من المستهلك (المتلقي) مشاركا في تفعيله وإثراء دلالاته، لأنها تحمل من خصائص النثر الفني ومقوماته من رمزيات وصور جمالية مستفزة.
وأشار سلمان إلى أن هذا سنكتشفه ابتداءً من الأيقونة العنوانية والعلامة السيميائية الدالة بجملتها الأسمية المضافة التي فرشت روحها ما بين المنتِج والمنتَج (الجنس الأدبي) تحت ظلال غيمة بلون بني متدرج يمنح الشعور الاسترخائي والطمأنينة، ويعلن عن إشراقة أمل ويؤكد الثبات والإرادة، مع اشارة تجاوزت العنونة وتميزت بعمق المعنى وقوة الدلالة. صدر للروائي والقاص حميد الربيعي العديد من المجاميع القصصية والروايات، منها "سفر الثعابين"، "تعالى.. وجع مالك"، "جدد موته مرتين"، "دهاليز للموتى"، "أحمر حانة".