ميادة سفر
يلعب العلم دوراً مهماً وأساسياً في بناء الإنسان وتطور المجتمعات, وبمقدار ما تكون نسبة الأشخاص المتعلمين عالية كان هذا مؤشراً على الرقي والتطور, فالتعليم يشكل أحد أهم الضرورات الحياتية, وهو جسر العبور إلى المستقبل المشرق الأفضل الذي نطمح
إليه.
يساهم التعليم في تنمية الشخصية وتمكين الأفراد من المساهمة الفعالة في المجتمع, كما يعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية, ويشكل عاملاً مهماً في القضاء على الفقر, لذلك لابدّ من إيلاء التعليم كل الاهتمام من قبل الحكومات, يجب أن يكون التعليم مجانياً وإلزامياً أقلّه في مراحله الأولى, نظراً لما لهذا الموضوع من أهمية, فهو يسهم في الحد من بعض الممارسات التي يقوم بها الآباء ضد أولادهم كحرمانهم من المدرسة والتعليم, كما أنه يقضي على التفريق والتمييز بين الجنسين ويتيح لكل من الذكر والأنثى فرصاً متساوية في الحصول على حقهم في التعليم.
ويعتبر التعليم من أهم الحقوق التي نصت عليها القوانين والمواثيق الدولية, وقد ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, ولا يكاد يخلو دستور دولة ما من كفالة هذا الحق لمختلف أبناء المجتمع دون تفرقة أو تمييز, إلا أن التقارير الصادرة عن عدة جهات دولية تشير إلى تدني مخرجات العملية التعليمية لاسيما في الوطن العربي, وأن 263 مليون طفل وشاب غير ملتحقين بالمدارس في جميع أنحاء العالم, بالرغم من ازدياد فرص وسبل التعليم بشكل عام وتحسن ظروفه بشكل أو بآخر, ويبلغ عدد الأطفال والشباب الذين لا يتقنون المهارات الأساسية للقراءة والكتابة والحساب 617مليون طفل وشاب بحسب منظمات تابعة للأمم المتحدة, كما يشكل الأطفال الأكثر فقراً وتهميشاً, لاسيما القاطنين في مناطق النزاعات والحروب الأكثر عرضة لعدم الالتحاق
بالمدراس.
يؤثر التعليم بشكل محوري وكبير في حياة الأمم والشعوب ومستقبلها الذي تطمح إليه, فإما يرتقي بها إذا كان تعليماً راقياً متطوراً ومتقدماً, فيصل بها إلى مصاف الدول المتقدمة, أو يبقيها مكانها إن لم ينزل بها إلى أدنى المستويات, إذا كان تعليماً متدنياً لا يملك الوسائل والأساليب المطلوبة, ولنا في اليابان والصين وماليزيا ودول كثيرة غيرها خير مثال, فقد تمكنت تلك الدول من استغلال وتسخير طاقاتها البشرية وامكاناتها المختلفة, وطورت التعليم بمختلف مستوياته, وارتقت لتصبح من كبرى الاقتصاديات في
العالم.
أما في عالمنا العربي فيبدو الأمر أكثر تعقيداً, فما يعانيه من مشكلات اقتصادية واجتماعية وسياسة, فضلاً عن الأزمات والحروب والصراعات, كلها تلعب دوراً من زيادة مشكلة التعليم وبالتالي صعوبة إيجاد الحلول الجذرية لتطويره وتحسينه, وتذليل العقبات التي تعترض ذلك, وبالرغم من أن أغلب الدول العربية قضت على الأمية بشكل كامل أو تكاد, إلا أننا مازلنا نعاني من تدني مستويات التعليم مقارنة بدول الجوار, الأمر الذي يحتم علينا اتخاذ الإجراءات العاجلة في هذا المجال, والبدء ببناء نظام تعليمي متكامل, والاستفادة من تجارب الدول الأخرى, لعلنا نتمكن من اللحاق بركب الدول المتطورة.
ختاماً: تعلموا, وعلموا أولادكم, فقديماً قالت العرب: العلم نور والجهل ظلام, فلا تطفؤوا أنوار
عقولكم.