شرط الإصلاح الاقتصادي

اقتصادية 2020/10/21
...

د. باسم الإبراهيمي
كثيرة هي الستراتيجيات والخطط والرؤى التي كتبت وأقرت على المستوى الحكومي في العراق خلال العقدين الماضيين، وقد تضمنت غالبيتها أفكارا ومقترحات مهمة وقادرة على أن تغير واقع الاقتصاد العراقي مما كان عليه الى ما نطمح له جميعا، واذا كان الامر كذلك رب سائل يسأل اذاً، لماذا فشلت تلك الحلول والخطط، وما الذي جاءت به الورقة البيضاء من إصلاحات لم تأت به تلك الأوراق؟ وهل سيكون مصيرها مثل اخواتها ام يمكن ان يكتب لها النجاح؟.
هذه الاستفهامات والطروحات كانت حديث مجالس التواصل الاجتماعي والاعلام خلال الأيام الماضية بعد أن طرحت الحكومة ما اسمتها “ورقة الإصلاح البيضاء”، فهذا يقدحها وذاك يمدحها، فأين هي من هذا 
وذاك؟.
المجال لا يتسع الى تفصيل ما جاء فيها وتقييمنا لتلك التفاصل، لذا سأتحدث في الاطار العام للورقة، الورقة من حيث التوقيت تكتسب أهمية بالغة نظرا للازمة الاقتصادية التي يعيشها العراق، ليس بسبب تراجع العوائد المالية نتيجة انخفاض أسعار النفط فقط وانما نتيجة تراكمات الإدارات السابقة، التي قدمت الانفاق السياسي على حساب الانفاق الاقتصادي، وكل ما فعلته هو النوم على “وسادة النفط”، ما جعل بقية القطاعات الاقتصادية تزداد ضعفا يوما بعد اخر وبالنتيجة تعمقت أحادية الاقتصاد الى الحد الذي يصعب معه الإصلاح الاقتصادي الا بعملية “جراحية” على الأمد الطويل في حين أن الجميع يفكر اليوم على الأمد القصير، لذلك يرفض البعض (من السياسيين) الورقة 
ابتداء. 
لقد تضمنت الورقة العديد من الأفكار التي تم طرحها سابقا ولكن ربما ما يميزها انها تضمنت رؤى وأفكارا مهمة على مستوى اصلاح مالية الحكومة والإدارة المالية، لاسيما ما يتعلق بتطبيق نظام إدارة المعلومات المالية المتكاملة (IFMIS) الذي يربط الكترونيا بين جميع وحدات الانفاق الحكومي، وكذلك تطبيق حساب الخزينة الموحد (TSA) الذي يجمع كل الحسابات الحكومية في حساب واحد، التي لو طبقت يمكن لها أن تسهم في علاج الازمة وتصلح الإدارة المالية وتقلل الفساد بشكل كبير، اما بخصوص نجاح الورقة في الإصلاح بشكل عام، فإن الامر مرهون بشكل كامل للإرادة السياسية في تطبيقها وإمكانية التنسيق والعمل المتكامل بين الجهات التشريعية والتنفيذية، اما اذا دخلت السياسة على الخط سلبا فلن نرى من بياض الورقة الا اسمها.