الكشف عن الذمة المالية

آراء 2020/10/26
...

 سلام مكي

من أهم الاجراءات التي تتخذها الجهات الرقابية، هي الكشف عن الذمم المالية للمسؤولين الحكوميين والنواب وأي موظف أو مكلف بخدمة عامة ترى الجهة المختصة ضرورة الكشف عن ذمته المالية. وهي من متطلبات الحد من الفساد، ومتابعة الأموال التي يحصل عليها المسؤول والتي لا تتناسب مع مدخوله الرسمي. قانون هيئة النزاهة رقم 30 لسنة 2011 قبل التعديل، كان يعاني من ثغرة كبيرة، تتمثل بعدم وجود معالجة حقيقية لامتناع المشمولين بالكشف عن ذممهم المالية، حيث غالبا نجد الوزير او البرلماني او أي فئة مشمولة، لا يقدم عن كشف ذمته المالية، كونه يدرك أنه لا يوجد نص في القانون، يلزمه بهذا الاجراء ولا توجد عقوبة أو إجراء متخذ بحقه في حال امتناعه، وحين قررت الحكومة الأسبق وضع تعليمات جديدة تمنع بموجبها من صرف رواتب الممتنعين، تم الطعن بتلك التعليمات كون القانون الذي هو أعلى من التعليمات، لم ينص على قطع رواتب الممتنعين، وبعد تعديل قانون هيئة النزاهة، الذي أولى أهمية خاصة بالكشف عن الذمة المالية للمسؤولين.
 وقد منح الهيئة صلاحيات أوسع في معالجة الموضوع، فقد نصت المادة 18 أولا من القانون على إيقاف صرف رواتب المكلف ومخصصاته، إذا لم يقدم الاستمارة خلال المدة المنصوص عليها في البند أولا من المادة 17 من القانون، كذلك عاقبت المادة 19 بالحبس مدة لا تزيد على السنة من امتنع عن تقديم الاستمارة دون عذر مشروع، وعاقبت الفقرة ثانيا من ذات المادة في حال وجدت زيادة كبيرة في أمواله أو أموال زوجته أو أولاده بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات وبغرامة تعادل قيمة الكسب غير المشروع، الفقرة رابعا عاقبت بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات وبغرامة تعادل قيمة الكسب غير المشروع كل شخص من غير المذكورين في البند ثانيا ثبت للمحكمة عدم مشروعية الزيادة في أمواله، وكذلك عقوبات أخرى بحق من يقدم معلومات كاذبة عن أمواله ومن يفشي الأسرار المتعلقة بحكم وظيفته.
 وهذه الاجراءات التي اتخذتها هيئة النزاهة مؤخرا والتي كشفت فيها عن وجود استجابة كبيرة من قبل المكلفين بالكشف عن ذممهم المالية، إنما جاءت نتيجة لتعديل القانون وتشديد العقوبات بحق المخالفين، ولكن ما يؤخذ على القانون، رغم أنه يمثل تطورا لافتا في جود مكافحة الفساد، هو أن عقوبة الممتنع عن تقديم استمارة الكشف عن ذمته المالية أقل بكثير من عقوبة من يقدم كشفا ومن ثم تجد النزاهة أنها لا تناسب مع دخله، وهنا لابد من تشديد عقوبة الممتنع، كون بقاء الحال على ما هو عليه يساعد على الامتناع في الكشف عن الذمة المالية.