نجاح العلي
هناك هدفان أساسيان لسن تشريع قانون الخدمة الالزامية، الاول ضخ دماء شابة في صفوف الجيش العراقي، اذ إن معدل اعمار المتطوعين المقاتلين حاليا فيه ما يقارب 40 عاما، اما الهدف الثاني هو توفير فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل واتاحة الفرصة لابناء جميع مكونات المجتمع العراقي
للالتحاق به.
هناك أهداف اخرى غير منظورة على المدى البعيد، اذ إن التحاق الشاب بالجيش (يفضل من عمر 18 الى 21) سنة، سيتيح له فرصة للاختلاط وعقد صداقات وتعارف مع بقية المكونات والاطلاع على طقوسهم وعاداتهم خاصة لابناء المحافظات المغلقة التي تتكون من لون قومي وديني ومذهبي واحد، ما يخلق حالة ايجابية من الناحية الاجتماعية، التي قد تتطور الى مصاهرات وتقوية الروابط بين ابناء المجتمع العراقي، فضلا عن الخدمة في محافظات ومدن مختلفة تتيح الفرصة للاطلاع والتعرف عليها من الناحية الجغرافية والمجتمعية عن كثب ونقل هذه التجربة والمعايشة الميدانية، الى مجتمعاتهم مما يزيل الصورة النمطية والنظرة السلبية تجاه بعض المكونات والاقليات مما يزيد من اللحمة الوطنية بين ابناء البلد الواحد.
لا بدّ من الأخذ بنظر الاعتبار التجربة المريرة التي رافقت فرض الخدمة الالزامية ابان عقدي الثمانينات والتسعينات من فترات طويلة ورواتب متدنية وعقوبات شنيعة تجاه المتخلفين وصلت للاعدام وقطع الاذن، واستبدالها بعقوبات اقتصادية كحرمان المتخلف من اداء الخدمة الالزامية من التعيين في دوائر الدولة ومن منح ومرتبات العاطلين عن العمل او عدم شمولهم بالقروض والتسهيلات الاخرى الممنوحة لاقرانهم، او فرض غرامات مالية عن المتخلفين عنها.
اما مدة الخدمة فيفترض انها لا تتجاوز الثلاث سنوات وبالامكان تمديدها لخمس سنوات بشكل اختياري وليس اجباريا في حال حاجة المؤسسة العسكرية لهذا الامر، وأن يشمل بها الخريجون لكن بفترات اقل تمتد من ثلاثة اشهر الى سنة حسب التحصيل الدراسي.
اما البدل النقدي فيتم العمل به وفق شروط، منها ان هذا البدل يعفي المطلوب للخدمة من تأديتها وحصر الوظائف الحكومية والتعيينات لكل من ادى الخدمة الالزامية فقط، باعتبار أن من يدفع البدل النقدي ميسور الحال ولا يحتاج الى الوظيفة الحكومية، ما يخلق حالة من العدالة الاجتماعية في الحقوق والواجبات، اما مرتبات الجندي المكلف، لا بدّ ان تكون مقاربة او اقل بقليل من نظيره المتطوع، لتشجيع الشباب على الالتحاق بالجيش والاستمرار بالخدمة وفق المدد الزمنية المقررة في القانون المزمع تشريعه والذي تاخر كثيرا ولأكثر من دورة برلمانية، رغم كتابة مسودته الاولية قبل اعوام طويلة وجرى ويجري تعديلها وتغييرها باستمرار حسب متطلبات المرحلة.
وان سن هذا القانون خلال الفترة المقبلة سيخرس بعض الاصوات النشاز التي تتهم الجيش العراقي بأنه طائفي ويمثل فئة او مكونا على حساب المكونات الاخرى.. ونحن بالانتظار.