طفلنا الوحيد ما زال ومنذ ثلاثين عاما في سنته الأولى

ثقافة 2020/11/01
...

  حميد حسن جعفر

 
 
شمال - كوزمتك وردة - سأترك شيئًا من التاريخ، صورة طفلنا الوحيد الذي ما زال. ومنذ ثلاثين عاما هو في سنته الأولى -بحفاظة كونفي بيبي رقم خمسة- طفلنا الذي تركته بين يديك رهينة، هل كان مبتسمًا فعلا؟ أم كان يسخر من علاقاتنا !سأترك لك كل الرسائل، واللقاءات المتعجلة، وشارة الأنوثة، امرأة في منتصف العمر طالما باركت خطوتك نحو الاقتران بابنها، ليس من الضروري أن تعثري على القسم الاكبر من هذه الشواهد، حاولي أن تثيري انتباه أي من هذه التفاصيل، وإن عجزت عن ذلك بإمكانك أن تستعيني بأي من زبونات المتجر المجاور لمديرية التربية، حينها ستنفتح أمامك ابواب الجحيم، ستجدين العديد من الوشاة، والكثير من الحاسدين، ستجدين نسوة يبكين حظوظهن، ورجالًا مكبلين بالخيانات، عليك أن تتركي كل هذا، وأن تستعيني بما تركت على جواربك من أزهار، وبذور نباتات موسمية، وعلى تنورتك من قصب وبردي، ومن طيور تركتها تبني أعشاشها على أشجار قميصك، سيستغرب بائع الفواكه من وجود فتاة في سن الخامسة والعشرين منفردة، وسط طقس بارد، وتحت ضغط رياح شرقية رطبة من الممكن أن تشكل خلال الساعات القليلة المقبلة بعض زخات أمطار متقطعة، لم يكن هذا الرجل إلا عامل الخدمة في مديرية الانواء الجوية/ قسم التنبؤ، وقد تمكن من أن يلتقط منخفضًا جويا من فم هذا، ورياحا شمالية باردة من بين يدي ذاك، وأمطارًا تتجاوز المعدل من امرأة هي وحدها التي من حقها أن تكون موظفة الصادرة والواردة، ليكون الرجل الثاني في أن يقول نبوءاته وتوقعاته حول التغييرات الوزارية، ومقتل رجل اسمه -خاشقجي- ربما هو من يعاينك كما يعاين مجموعة نبوءات عن حركة الرياح والسحب والعواصف، وحركة المد والجزر، قد لاتعلمين بمواقفه هذه عنك، انت لاهية عن الآخرين، وهو المنشغل بموقفك هذا، كما لو كنت أنا ذلك الرجل الحائر، ما بين فاكهة ناضجة جدا، لا تبتعد عنه سوى مساري حافلات، وجزرة وسطية على شكل فضاء عشبي، والرصيف الذي تقف عنده الفتاة، وحين يطول انتظارك لي ربما ستلتقطين ما تساقط من حافظة نقودي، او من حقيبتي اليدوية -بطاقة ذكية لمتقاعد/ وأوراق كفالة للحصول على قرض من قبل مصرف اسلامي/ وعقد إيجار لدكان في سوق شعبية، طرفه الاول أنا، والطرف الثاني مديرية البلدية، واوراق نقدية من فئة خمسة وعشرين دينارا سويسريا،/ وصورة بالأبيض والأسود لسيدة في العقد الرابع من عمرها،/ وصورة لرجل كان يجلس وسط بستان فواكه الا أنه لا يشبه عامل الخدمة لدى مديرية الانواء الجوية، بإمكانك أن تلتقطي أيًا من تلك المفردات لكي تستدلي عبرها عليَّ، قد أكون ذاك الجالس تحت مظلة الباص العمومي، والذي لا يبتعد عنك سوى أمتار قليلة، قد يتنسم رحيق عطرك، ذاك الزهري الذي لا يعلن عن نفسه إلا للقلة من متذوقي روائح الزهور، ذاك الذي مصدر تعلقي بك، هل كنت لحظتها واقفة في المكان الخطأ؟ رغم أن جميع الامكنة تبدو نتيجة أخطاء اقترفتها قدرات هندسية ضعيفة، جربت قدراتها بتخطيط المدن، أو هم المساحون، أو الأغراض التي من أجلها تم تصميم الشوارع، والخنادق والاسوار، وبناية المسرح، ودار السينما، والمتنزهات، والحروب، يبدو أنك تجاهلت ما ذيلت به تغريدتي، -إن لم تعثري على ما يدل عليَّ، فأنت في حل من الانتظار - يبدو أني قد حذفت شارتي هذه قبيل أن يقرأها الكثيرون، وأنت واحدة منهم، فخسرت التفكير الصائب المتزن، وأوقعك، في اشكالية لا بد لك من انشائها، سأتجاوز مجموعة الاخطاء التي قد تثير حنق الاصدقاء، سأرحب بك، وأهلل للقائك، سأكون جادًا جدا في موعدي، ولن أترك ما قررت للمصادفة، الشجاعة أمر مهم من أجل تحقيق أمنية ما، سأكون بقميصي الاصفر والوردة الزرقاء،، طالما كان تناسق كهذا يثير حفيظتك، فتتعمدين عدم لقائي، سأكون بصحبة أحد أحفادي الذي سيحمل اسمك، وعندما أنادي: صباحك محبة ايها الأم، ستلتقيان سوية، أنت وحفيدي، انتبهي حين تأتين في المرة المقبلة، سأكون واقفا عند آخر كابينات مديرية الاتصالات السلكية، تلك الجهة التي لم ينتبه مسؤولوها من أن الكابينة تلك، لم يعد هناك مبرر لوجودها، عسى أن لا يكون انتظاري غير قابل للتزهير.