د.عبد الواحد مشعل
لم يعد يخفى على أحد حجم الآثار الاجتماعية للازمة الاقتصادية على الأسرة العراقية، لاسيما تكرار تأخير رواتب موظفي الدولة، ما أربك ميزانية ىالاسرة ذات الأوجه المتعددة، فلم تعد الأسرة كما كانت في الماضي تعرف حدود ميزانيتها، فقد أضيفت إليها أبواب أخرى منها الضريبة التي دفعها الأسرة شهريا على صرفيات الانترنت والموبايل، فجميع أفراد الأسرة أصبحوا يمتلكون هواتف نقالة حتى الصغار منهم، فضلا عن العلاج وأسعاره المرتفعة، ما جعل كثيرا من الأسر تحجم من الذهاب الى الطبيب، وتفضل الطب الشعبي أو تذهب لبعض الأشخاص الذي يدعون لديهم القدرة على شفاء المرضى، ناهيك عن بدل الإيجار الذي تتحمله الأسرة، ومتطلبات أبنائها في المدارس وغيرها، التي أخذت تتزايد مع انفتاح البلاد، واطلاعهم على مختلف الحاجات التي يتطلبها الإنسان المعاصر، وتزداد هذه الضغوط مع عدم قدرة الاقتصاد العراقي الذي يوصف بأنه اقتصاد ريعي يعتمد على النفط، من إيجاد بدائل لتعظيم الموارد، على الرغم من امتلاك العراق ثروات هائلة سواء المعادن أم الغاز أم الزراعة وغيرها، فلم تبذل مساع مخلصة وحقيقية لإيجاد مورد يساعد اقتصادنا الريعي، ما ترك ذلك على الأسرة آثارا اجتماعية خطيرة سواء على بنيتها القيمية والثقافية، كالتفكك الاجتماعي وازدياد حالات العنف الأسري والصراع المحتدم بين أفرادها، بسبب عجزها على تلبية احتياجاتهم المختلفة، ما يؤدي الى انحرافهم سواء تجاههم نحو تعاطي المخدرات أو الانخراط في عصابات الإجرام والسرقة، فضلا عن ازدياد حالات الانتحار، أن هذا الواقع يتطلب من الحكومة اهتماما جديا، والعمل على إجراء دراسات وأبحاث مسحية وميدانية يقوم بها اختصاصيون في مجال علم الاجتماع والانثروبولوجيا والخدمة الاجتماعية وعلم النفس وغيرها، لكشف أسبابها وتقديم توصياتها الى الجهات ذات العلاقة، وينبغي أن يتم كل ذلك من خلال هيئة دراسات وأبحاث مركزية مرتبطة بمجلس الوزراء يقوم عليها اخصائيون ومهنيون ذوو كفاءة عالية، من اجل إنقاذ المجتمع من آفات خطيرة، لاسيما إذا علمنا أن التقديرات ترى أن سكان العراق مع عام 2025 سيبلغ 45 مليون نسمة، ما يفرض الاستعداد لمعاجلة هذه الأوضاع قبل أن تخرج عن السيطرة..