على ما يبدو، ليس من حل قريب لأزمة الرواتب، كلٌ يرمي الكرة في ملعب الآخر، في سجال قل نظيره، رغم الحماسة في اللعب ولكن من دون تشجيع للجمهور، هكذا هو حال موظفي العراق وهم يستمعون لتصريحات مقتضبة على نشرات الاخبار للمسؤولين/ اللاعبين. نعم اصبحت الرواتب مثل لعبة كرة الطاولة، نحاول ان نلاحقها بعيوننا دون حركة او احساس بباقي المشكلات التي اجلت بانتظار راتب خمسيني وليس شهريا كما اعتادت دول العالم ان تدفع لموظفيها.
والقصة باختصار هي ان الحكومة ارسلت طلبا للبرلمان بقرض داخلي للاشهر الثلاثة المتبقية من السنة 2020، وجد البرلمان ان هناك مبالغة في المبلغ المطلوب واراد تقليصه، فلا البرلمان قلص المبلغ ووافق على الاقتراض الداخلي ولا الحكومة اقترضت داخليا دون العودة للبرلمان كما يقول المشرعون ويبيح لها القانون، وما زال الموظفون يترنحون من جهة لاخرى جراء قسوة مضربي الكرة عند الفريقين، وحالهم يشي بقسوة خلو جيوبهم، ونفاد حاجاتهم المعيشية وصبر اصحاب المولدات والانترنت والبقالة والقروض والايجار.. الخ.
لا اعرف هل يعي المسؤولون ألا مدخرات لشعب يعاني منذ 2003 من مشكلات في الامن والاستقرار وعدم الاطمئنان على حياته او ابنائه الذين استشهدوا وهاجروا واختار بعضهم طريقا خاطئة واصر الآخر على الصواب، فمات كمدا ونفيا داخل وطنه، اذ لا تقدير او فرصة لوظيفة، ليترك وحيدا ازاء ازمات الزمن المرة. هل يعي المسؤولون انهم بهذا يزيدون من غنى الاغنياء وفقر الفقراء، واجبار المواطن على ايجاد مصادر دخل بشتى الوسائل، فازدادت جرائم المخدرات والسرقة والمتاجرة بالاعضاء البشرية والقائمة
تطول.
المواطن العراقي على علم بالسياسات الخاطئة طيلة 17 عاما الماضية ولكن، هذا ليس ذنبه في اي حال من الاحوال، ان تنظيم امور البلد ووضع السياسات الستراتيجية او المتوسطة اوالقصيرة المدى شأن من تصدى للعمل السياسي وتقلد مناصبه، وان طوق المنصب البراق المدفوع الثمن على رقاب من تسنم المسؤولية وليس المواطن وسيضيق حتما بتقادم الفشل .
حلول جديرة بالاحترام طرحها عدد غير قليل من المعنيين بالشأن الاقتصادي، يمكن ان تكون طوق نجاة على المدى القصير، لحين تفعيل العديد من المشاريع والقوانين والرقابة الصارمة لمدخولات البلد وطريقة انتقال السيولة النقدية فيه وعدم التفريط بها، فتخرج من البلد دون عائد حقيقي لها داخلياً، مزاد العملة خير مثال، هل نستورد يوميا بقدر ما نبيع في مزاد العملة؟ اين يذهب الفرق؟ ولماذا هناك فرق في سعر البيع في البنك والسوق المحلية؟ وهل ما نستورده ضروري لحاجة البلد وخلق حال من التنافس وخفض اسعار المواد في الداخل؟ لماذا لا تفعّل القناة الجافة بريا، كخطوة اولى، عبر شاحنات نقل عبر تركيا الى اوروبا باستخدام الموانئ العراقية الحالية بانتظار اكتمال ميناء
الفاو؟.
لماذا لا نوقف الهدر العام في رواتب المسؤولين منذ المجلس الوطني وحتى الان، فالنائب ليس موظفا ليتقاضى راتبا تقاعديا، وللانصاف عاملوه كما تعاملون الموظف عندما يحال على التقاعد باحتساب سنوات الخدمة. هل احكمنا القبضة على كل منافذ العراق الجمركية؟ كثيرة هي منافذ الهدر العام والتي اذا ما اغلقت لتجاوزنا ازمة الرواتب. على الحكومة والبرلمان ان يضربا بقوة الكرة على طاولة المسؤولين وليس المواطنين.