المعارضة السياسية.. غياب أم تغييب؟

آراء 2020/11/07
...

  شمخي جبر
 
 
حين أهمل السياسيون ركن المعارضة تصدى لهذه المهمة الشعب ونخبه المدنية من مثقفين وناشطين واعلاميين، فمارسوا نشاطهم الاحتجاجي على شكل حملات مدافعة من اجل الضغط على الاحزاب والكتل الحاكمة التي هرولت نحو السلطة، فمورس ضدهم التسقيط والقتل المعنوي، متمثلا بشتى الاتهامات (داعشيون.. بقايا البعث، ابناء السفارة، ابناء الرفيقات، عملاء الصهونية ) فأصبحت عملية قتلهم سائغة مستساغة، بعد ان منحها بعض السياسيين شرعية، اذ اصبحت هذه الاتهامات فتاوى تشرعن قتل المعارضين، فقتل الكثير من الناشطين تحت غطاء هذه الفتاوى السياسية.
وبقى السياسيون حتى من يدعون المعارضة يتمتعون بامتيازات السلطة كوزراء او مدراء عامين او رؤساء للهيئات المستقلة.
وظل السياسيون  يتمتعون  بمغانم السلطة وامتيازاتها ويدعي امام الشعب انه  في خندق المعارضة، ليمارس عملية تضليل وخداع الشعب وليتبرأ من الفشل او الخطأ الذي تقع فيه الحكومة، وهي محاولة من بعض الكتل والاحزاب لتحسين صورتها امام الجمهور ولاستعادة بعض شعبيتها التي 
فقدتها.
غياب المعارضة في المشهد السياسي العراقي كان برغبة القائمين على هذا المشهد، بمعنى آخر ليس من مصلحة أحد أن تقوم هناك معارضة حقيقية فاعلة لأنها ستكشف عن عورات واخطاء الاحزاب 
الحاكمة.
 
صورة نمطية مشوهة
ولكن للاسف ينظر البعض الى المعارضة بعين الريبة والشك والتقليل من شأنها وشيطنتها في محاولة للنيل منها والاستهانة بها وتسقيطها او ممارسة (القتل الرمزي) ضدها  وهكذا وصف طارق عزيز وزير خارجية النظام السابق (بأنهم مجاميع من اللصوص والقتلة والمأجورين)
احيانا يفهم البعض ان المعارضة عملية (زعل) على الحكومة لتتم ترضيته ببعض الامتيازات والمكاسب والمناصب ليرجع من المعارضة الى كرسي الموالاة، وقد صرح احد النواب متحدثا عن موقف كتلته (بأن عدم الحصول على أي منصب في الحكومة هو أحد الدوافع للذهاب صوب المعارضة).
 
موقف المحكمة الاتحادية
وقد اكدت المحكمة الاتحادية( وفق تصريح الناطق الرسمي باسمها  يوم  الاثنين 29 تموز 2019)  وبحكم مهامها الدستورية في تفسير نصوص الدستور على وجود المعارضة واحقيتها باتخاذ مواقفها من الحكومة، فقد  أوضحت أن «من بقي من النواب (بعد تسمية الكتلة الاكبر التي ستشكل الحكومة)  فهو على وفق النظام النيابي الديمقراطي الذي تبناه العراق بموجب نص المادة 1 من الدستور لعام 2005 ولم ينضموا إلى الكتلة النيابية الأكثر عدداً التي شكل مرشحها مجلس الوزراء، فلهم الخيار إما أن يشكلوا كتلة معارضة وفق منهاج معين وتشعر رئاسة مجلس النواب بأسماء نوابها ومنهاجها، أو البقاء فرادى يعارضون ما يريدون معارضته من عمل السلطة التنفيذية أو يؤيدونه حسب قناعاتهم»، وأن لكتلة المعارضة التي تشكلت وفق خياراتها ووفق منهاجها جميع الضمانات الدستورية التي كفلها الدستور وقانون مجلس النواب بممارسة الاختصاصات والصلاحيات باعتبارهم يمثلون الشعب العراقي بأكمله إضافة للحصانة التي يتمتع بها عما يدلي به النائب من آراء في أثناء دورة 
الانعقاد. 
الدعوة لتفعيل دور المعارضة احد اهم متبنيات دعاة الاصلاح الحقيقيين، فوجودها يعني تفعيل الدور الرقابي للبرلمان الذي فقد هذا الدور في ظل المحاصصة والمجاملات، والذي الغى عملية الاستجواب فحولها الى استضافة وهي عملية مجاملة لم تتم 
استضافته.
فليس من تتم استضافته كمن تتم عملية استجوابه، فالاولى مجاملة والثانية تفعيل للدور البرلماني ودوره في شرطي مهامه التشريع والرقابة على اداء الاجهزة التنفيذية.