الحماية القانونية للأماكن الدينية المقدسة

آراء 2020/11/07
...

 القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي 
إن وجود الأديان يعني بالضرورة وجود أماكن للعبادة، وهو امر بديهي، ذلك ان العقيدة الدينية ايا كانت لا بد لها أن تقتضي من المؤمن بها ممارسة المظاهر المعبرة عنها. وهذه الممارسة انما تكون في مكان يختاره الانسان لهذا الغرض بشكل دائم او مؤقت، كما أن التواجد في هذه الاماكن، يوفر للإنسان فرصة التقرب الى الله سبحانه وتعالى. وإنَّ موضوع الحماية القانونية للأماكن الدينية المقدسة له اهمية كبيرة، لما لهذه الأماكن من أهمية تتمثل في التأثير الايجابي الذي تتركه في المجتمعات المحيطة بها،
وذلك لارتباطها بمعتقدات تلك الشعوب مما يخلق تلاحما روحيا. وقد نص الدستور العراقي النافذ لعام 2005 على حرمة الاماكن الدينية، اذ نصت المادة( 10)على أن( العتبات المقدسة والمقامات الدينية في العراق كيانات دينية وحضارية وتلتزم الدولة بتأكيد وصيانة حرمتها وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها).
كما نص على حرية العقيدة وكذلك في المادة (43  ) حيث نصت ( لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة) يضاف الى ذلك كفل الدستور العراقي حرية العبادة وأماكنها) وحق اتباع كل دين او مذهب في ممارسة الشعائر الدينية.
والأماكن المقدسة هي التي تدفع الانسان الى زيارتها مصحوبا بشعور عميق بأنه في هذا المكان على اتصال روحي بالله عز وجل، وان فلذة من حياته الروحية قائمة في هذة الاماكن. وانه وان بعد عنها بجسمه، فإن الروح تظل تهفو 
اليها.
وانه مهما ادى الانسان فروض الصلاة في العبادة فان نفسه لاتطمئن حتى يذهب اليها وقد عرفت المادة الاولى من نظام العتبات المقدسة، فإن العتبات المقدسة هي التي تضم أضرحة الائمة عليهم السلام بما تدور عليه أسوار الصحن في الروضة الحيدرية في النجف الاشرف والروضتين الحسينية والعباسية في كربلاء والروضة الكاظمية في بغداد والروضة العسكرية في سامراء ومراقد الائمة من آل البيت التابعة لتلك الرياض سواء كانت داخل سور الروضة او خارجه.
اما قانون ادارة العتبات المقدسة رقم19 لسنة 2005 فقد عرف العتبات المقدسة في المادة الثانية منه والتي جاء فيها( العتبات المقدسة هي العمارات التي تضم مراقد ائمة اهل البيت عليهم السلام والبنايات التابعة لها في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء ويلحق بها مرقد الامام العباس عليه السلام في كربلاء)
لقد خص المشرع العراقي الاماكن الدينية بحرمة الاعتداء عليها بان جرم الافعال التي من شأنها المساس بهذه الأماكن، وذلك في سبيل حماية هذه الحرمة، حيث نصت المادة 372 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل على : 
(يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بغرامة لا تزيد على مئتي الف دينار كل من 1 - من اعتدى بإحدى طرق العلانية على معتقد لإحدى الطوائف الدينية او حقر من شعائرها. 2 - من تعمد التشويش على اقامة شعائر طائفية دينية اوعلى حفل او اجتماع ديني او تعمد منع او تعطيل اقامة شيء من ذلك. 3 - من خرب او اتلف أو شوه او دنس بناء معدا لاقامة شعائر طائفية دينية او رمزا او شيئا اخر له حرمة دينية. 4 - من طبع ونشر كتابا مقدسا عند طائفة دينية اذا حرف نصه عمدا تحريفا يغير من معناه او اذا استخف بحكم من أحكامه او شيء من  تعليماته.  5- من اهان علنا رمزا او شخصا هو موضع تقديس او تمجيد او احترام لدى طائفة دينية.  6- من قلد علنا ناسكا او حفلا دينيا بقصد السخرية منه.
وإنَّ المشرع العراقي عاقب على الجرائم التي تمس الشعور الديني اما في قانون مكافحة الارهاب العراقي رقم 13 لسنة 2005 فإنه لم يشر الى اماكن العبادة في مواده بشكل صريح.
 الا أنه أشار وضمن تعداد الافعال الارهابية في المادة الثانية  منه الى أن أعمال العنف التي تقع على الأماكن الدينية وبالتالي تعد أعمال العنف والتهديد التي تطول الاماكن الدينية من ضمن الأفعال
 الارهابية.
وقد جرَّم التشريع العراقي مظاهر التحريض ؤعلى بعض الطوائف الدينية او اثارة الفتن والنعرات في ما بينها واعتبرها من الجرائم المخلة بالنظام العام والماسة بالأمن 
الداخلي.
 معتبرا هذه الجرائم من الجنايات فقد جاء في المادة ( 200 ) من قانون العقوبات العراقي بأن: ( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس كل من روج ما يثير النعرات المذهبية او الطائفية او حرض على النزاع بين الطوائف والاجناس وأثار شعور الكراهية والبغضاء بين سكان العراق) ان الاماكن المقدسة هي الاماكن المباركة والمطهرة والمعتبرة كذلك من قبل الاديان السماوية  وان المصلحة من حماية المشرع العراقي للاماكن الدينية المقدسة وذلك لارتباط هذه الاماكن بالشعور الديني، فإن حماية المشرع العراقي لهذا الشعور تقوم على قيمة الاديان من الوجهة الاجتماعية بوصفها مصلحة يخضعها القانون للحماية.