حسين رشيد
برع النظام السابق بتدمير منظومة التربية والتعليم وبوجه الخصوص في تسعينيات الحصار من خلال منح ابناء الشهداء وحملة الانواط والأوسمة وشارة الحزب درجات إضافية على معدلاتهم وأُضيف لهم فيما بعد ابناء اعضاء حزب البعث
المحظور.
كانت تلك الإضافة الرصاصة الاولى بجسد التربية والتعليم الجامعي، وتم فتح باب الاطاريح والرسائل الجامعية عن الحزب والقائد والسماح للمسؤولين بالحصول على الشهادات العليا، وكأن شخصية المسؤول لا تكتمل الا باللقب العلمي، بعدها فتحت الجامعات الأهلية التي ترعرعت في احضان النظام الحالي، الذي حول اضافة الدرجات الى ابناء الشهداء والسجناء السياسيين، والاطاريح والرسائل إلى مواضيع مذهبية، متناسين ان جٌّل ما يحتاجه ابناء الشهداء هو نظام سياسي يحترم الجميع، ويوفر سبل العيش الكريم لهم، والتوقف عن الفساد والسرقة هو التكريم الأفضل لاسر الشهداء والسجناء السياسيين وعموم ابناء الوطن بعيدا عن الاقتداء وتقليد اساليب البعث بنخر المجتمع وبث الفرقة على حساب شراء الذمم والولاءات.
منح الدرجات المجانية احدى المظالم الكبرى بحق الطلاب المجتهدين، ممن يعنيهم المستقبل العلمي وليس التحصيل الجامعي فحسب، هذه المظلمة تفتح باب التفريط بالتعليم العالي والعملية التربوية برمتها وتفسح المجال للقطاع الخاص بالنشاط في ساحاتها، وبغياب السطوة القانونية والنفوذ المركزي للحكومة كما يحدث الان في اغلب الجامعات الاهلية التي تعود للاحزاب والقوى السياسية، ما سيجعل منها ساحة يصول ويجول فيها الشطّار والدجالون والمنافقون، وستفقد البلاد ذلك المستوى الرفيع الذي كانت تتمتع به في السابق عبر عقود طويلة منذ إنشاء أول جامعة فيها، وستسود فيها المحسوبية الى الدرجة التي سيجد كل إنسان كفوء طريقه إلى الخارج للخلاص من سطوة الجهلة في ميدان العلم الذي لا يحتمل
ذلك.
كل ذلك الخراب، ويأتي مجلس النواب ويقر قانون معادلة الشهادات الذي هو بلا شك طعنة عميقة في قلب الأكاديمية العراقية، قانون يحقق الفائدة في الاعتراف بشهادات مزورة ومدفوعة الثمن ما يزيد اعداد الالقاب العلمية التي تنال مخصصات وامتيازات جمة من دون اي بحث علمي يسهم في تقدم البلاد.