أحمد حسين
لا يفوت بعض السياسيين أي حدث أو ظرف أو أزمة إلا ويعمل على استغلالها لصالح حزبه وكتلته، ومع أن جميع الأزمات التي تعصف بالعراق ضحيتها الأولى والأخيرة المواطن وبالرغم من ذلك يعمد هذا البعض إلى تصريحات مستفزة تضيف معاناة أخرى للمواطن وتزيد من توتره النفسي، بل ان هؤلاء يتغذون على تأجيج مشاعر الغضب والانفعال والكراهية بين المواطنين لتحقيق مآربهم.
يعمد هؤلاء البعض إلى تزييف الواقع الذي يعيشه المواطن ويكتوي بتداعياته بالتصريحات وأحياناً بالوثائق والمستندات، مستغلين مشاعر الكراهية المتأججة لدى الناس والتي بالتالي تجعلهم يصدقون كلما يصرح به الساسة ما دام الكلام فيه طعن وتسقيط للآخر، نعم هذا هو واقعنا، أنه تراكمات 17 عاماً من الفساد والفوضى وانعدام الأمان وغياب الثقة، ما أنتج مشاعر سلبية لدى عامة العراقيين تجاه العملية السياسية برمتها، ولذا نجد الناس تصدق أي طعن بالحكومة ومجلس النواب والدولة ومؤسساتها.
هذا التراكم السلبي أفرز حالة التصديق المطلق لكل ما يخرج من أروقة الحكومة أو مجلس النواب سواء كان على لسان مسؤول أو نائب أو مصدر «فضّل عدم ذكر اسمه»، حتى وإن كان هذا التصريح لا يتناسب مع الواقع المعاش، ومنه على سبيل المثال ما يدور من حديث حول تأخر صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين في مواعيدها، هذه الأزمة التي يعاني منها المواطن منذ شهور عدة أصبحت ورقة سياسية بأيدي
البعض.
الكذبة التي يروج لها البعض هي أن خزينة الدولة مكتنزة بما يكفي لتغطية الرواتب، لكن الحقيقة هي أنه ليست هناك أموال سوى الاحتياطي النقدي في البنك المركزي العراقي، وهو احتياطي لا يمكن التلاعب به تحت أي ظرف وضغط لأسباب، المختصون بالشأن الاقتصادي أعلم بها منّي وهم الأدق في شرحها وتوضيحها
للمواطن.
ليس هناك من مبرر ولا مسوغ يجعل الحكومة تحجب رواتب الموظفين أن كانت هناك أموال كافية فهذا انتحار سياسي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كما أن ليس هناك مبرر قانوني يلجأ إليه مجلس النواب للسكوت عن الحكومة في حال افترضنا جدلاً أنها فعلاً تحجب الرواتب، لكن هناك حقيقة لا جدال فيها وهي أن أموالنا نُهبت وتنهب، وبعد الانهيار الكارثي لأسعار النفط في العام الحالي ما عادت الإيرادات النفطية تكفي لتغطية الرواتب والنفقات
الأساسية.