محمد شريف أبو ميسم
في مطلع العام 2017 كتبت في جريدة الصباح الغراء، مقالا حمل عنوان «بداية المرحلة الترامبية» أشرت فيه الى ان العالم سيشهد مزيدا من التوترات على ضوء متبنيات الرئيس الجديد القائمة على الابتزاز والفوقية تحت شعار «أمريكا أولا» وهي تشهد مزيدا من الميل نحو سلطة المال في ظل نزعة شعبوية حيال المهاجرين، وتؤسس لولادة جيل جديد من البيض العنصريين، وهذه التصورات كانت مبنية على ما قاله «ترامب» قبل وخلال حملته الانتخابية في 2016 وما أحيط بمراسيم تنصيبه، اذ التكثيف الدعائي والتسويق لانموذج الرئيس الذي سيأتي بما لا يحمد عقباه للحلفاء قبل الأعداء، فقد هدد بسحب الاستثمارات الاميركية من دول أوروبا الغربية، ما لم تزد من مساهمتها في تمويل حلف شمال الأطلسي، وألغى التزامات أميركا حيال اتفاقية المناخ، ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الاغاثة الدولية، وألغى اتفاقية المحيط الهادئ، وزاد من عداء الولايات المتحدة مع الصين في حربه التجارية.
وفي الشرق الأوسط، اطاح بالاتفاقية النووية مع ايران وأعاد فرض الحصار عليها، ونقل السفارة الاميركية الى القدس، وأوقف المنح الاميركية الى الفلسطينيين، وزاد من ابتزازه لحلفائه الخليجيين وتطاول على رموزهم بسخرية، ودعم الحرب في سوريا وفرض قانون قيصر بهدف محاصرتها اقتصاديا، ودعم العدوان على اليمن، واستعمل صلاحياته ضد قرارات الكونغرس في ادانة المجازر بحق المدنيين، فضلا عن موقفه بشأن قرارات الكونغرس المتعلقة بقضية مقتل «جمال خاشقجي» في تجاوز فاضح لحقوق الانسان، وهذا ما جاء منسجما مع سياسته الداخلية، اذ ألغى برنامج الدعم الصحي «أوباما كير»، وأسس لتحرير الرساميل من الضرائب التي تدوّر لصالح صناديق الدعم بدعوى جذب الرساميل الاميركية الى الداخل، وسعى لبناء الجدار مع المكسيك محمّلا المهاجرين مسؤولية التنافس على الوظائف، الأمر الذي زاد من صعود الحركات العنصرية، وفجر حالة الغضب مع استغاثة «جورج فلويد» ذو الأصول الأفريقية - وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت أقدام شرطي في مينيابوليس الأميركية- ثم هدد بالقوة في تعامله مع التظاهرات، حتى بات ظاهرة على مستوى الثقافة الاميركية، دفعت 68 مليون أميركي للخروج والتصويت لها رغم تداعيات جائحة كورونا.
ولم يكن أمام الشعب الأميركي الا أن يصوت ضد هذه الظاهرة التي كادت تقترب من ملامح النازية، في ظل حق التصويت البريدي الذي اسهم بوصول عدد المصوتين لصالح الديمقراطي بايدن الى نحو 72 مليونا.
وكأن المؤسسة التي وقفت خلفه ما عادت وعلى ما يبدو بحاجة الى التصعيد وهي في طور جني المكاسب من سياسة الابتزاز والفوقية، فقد آن الاوان لالقاء العصا واعتماد الجزرة.