شهيّةُ الطّين

ثقافة 2020/11/11
...

    أنمار كامل حسين 
لا أحدَ يَكترثُ لانعتاقِ 
اللَّحنِ في حُنجرةِ الراعي وهو يعدُ 
طَبقَ وَيلاتٍ مُتبّلةٍ بِشَجَنِهِ العَتيق.. بذاكرتِهِ 
المنكُوبةِ.. بأعوادِ القَصَبِ.
كانَ هُنا يَنزِفُ الأهوارَ بملحِ المواويلِ 
يَعزفُ الرَّبابةَ لبؤسِ القَطيع 
يُفككُ القَنابلَ لَحناً سُومرياً في حُقولِ 
الأنغامِ.. لَحناً مُسيلاً لِحشرَجةِ الدموعِ 
وَيُنادي بغصةِ عُشبٍ يابسٍ 
(يمّة يا يمّة) من يَستمعُ لِلَسعاتِ الحَنينِ؟ 
وَقَد أَزِفَ الصَّوتُ في عَطشِ الرُؤيا وَما مِنْ 
مُتَّسعٍ لنُزهَةٍ أُخرى خارجَ أجسادِنا 
الهُلاميّةِ.. أو خارجَ الحَياةِ مَثَلاً.. فحينَ 
أكُتبُ للمُبصرينَ خارج أعّينهمْ تنسابُ 
الرؤيا من ثُقوبِ الحَياة تستحيلُ أملاً مُجوَّفاً في فَكِّ 
العتمةِ قبلَ أن تَذويَ اللقاءاتُ الأخيرَةُ بمَن لا نَعرفُهم 
وَهم يقرَعونَ رُؤوسَ الرَّحيلِ في باصاتِ الموتِ 
الفاخِرَةِ لتِتبرجَ الأرضُ بإشلائِهم تَرفعُ ساقيها 
طواعيةً لِتُثيرَ شهوةَ السماءِ من يَعصبُ 
عُيونَ المدينةِ عَن شَظَفِ الأرضِ المُعبَّدةِ بالوجوهِ الساخِنَةِ؟ 
من يرسمُ ابتسامةَ هُوليوود في وَجهِ (أم عباس) بائِعةِ اللَّبنِ؟ 
من يَتَيمّمُ بالغُبارِ العالِقِ شِعراً في تمثالِ السَّيابِ؟ 
من يُخرسُ صَهيلَ المقاهي وهي تَجتمعُ في بِطانةِ رَأسي؟ 
رَأسي مكبُ رِواياتٍ وَما عُدْتُ أحلمُ بالبُطولَةِ 
أنا مُمثّلٌ سَيئٌ خَلفَ الكَوابيس.