المحامية اية خزعل
ثمة من يرى أن التحليل السياسي عندما يتعامل بالطرح مع المعطيات الحقيقية، فانه ينتج رأيا عميقا يجنبه من الرأي العاطفي والسطحي الذي غالبا ما يقع في وطأته المتحزبون والمحسوبون على السياسيين لكنهم طارئون، وقراءة الاحداث بدقة وبصيرة ثاقبة توفر للكاتب تفسيرا منصفا وعميقا للاحداث، وبالتالي توفر للقراء فرصة فهم مجريات الاحداث واستشراف المستقبل بعقلية عميقة.
يعد الفساد المالي بمثابة المرض الخبيث الذي ينخر الجهاز الاداري في الدول، وينسف الثقة بما تقدمه مؤسساتها للمواطن وحسب ما جاء في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لسنة 2019 فان العراق احتل المرتبة 162 من اصل180 دولة الاكثر فسادا في العالم، مع أن العراق يمتلك العديد من المؤسسات والهيئات التي تحاول الحد من ظاهرة الفساد الاداري والمالي كهيئة النزاهة الاتحادية وديوان الرقابة
المالية.
وكذلك شرع البرلمان العراقي العديد من الانظمة والقوانين التي بدورها تحارب الفساد المالي ومن هذه القوانين قانون مكافأة المخبرين بالرقم 33 لسنة 2008 المنشور في الوقائع العراقية بالعدد (4058) ان الهدف من تشريع القانون بينته المادة الاولى بنصها ( تشجيع من يقدم إخباراً يؤدي إلى استعادة الأصول والأموال المملوكة للدولة والقطاع العام أو الكشف عن جريمة السرقة أو الاختلاس أو تزوير المحررات الرسمية أو عن حالات الفساد الإداري وسوء التصرف الإداري من خلال مكافأة المخبر ) فالغاية منه تحفيز المواطنين على تبادل المعلومات التي يمتلكونها مع السلطات المختصة وتفعيل دورهم الرقابي للحد من الفساد بنوعيه المالي والاداري مقابل مكافأة مادية محدد وفقا لنصوص هذا القانون، كما نصت المادة الثانية على نطاق سريان هذا القانون ( أولاً- موظفي الدولة والقطاع العام. ثانياً– من يخبر عن الأموال المنقولة وغير المنقولة للأشخاص المصادرة أموالهم بعد تاريخ 9/4/2003 أو أموال غير العراقيين التي تقضي التشريعات بمصادرتها. ثالثاً- من يدلي بمعلومات تؤدي إلى استعادة الآثار العراقية المسروقة. رابعاً– من يخبر عن حالات الفساد الإداري والمالي. خامساً– من يخبر عن جريمة السرقة أو الاختلاس أو تزوير المحررات الرسمية ويؤدي إخباره إلى إلقاء القبض على الفاعل) وعليه يسري القانون من حيث الاشخاص على جميع المواطنين، سواء كانوا موظفين اومكلفين بخدمة عامة او غير موظفين، فيشمل جميع افراد المجتمع على حد سواء، اما عن سريان القانون من حيث الموضوع، فنجد المادة الثانية قد ذكرت الحالات التي يقدم فيها الاخبار على سبيل الحصر لا المثال وذلك لمراعاة الخصوصية في هذا القانون والهدف من تشريعه، فلم يشمل جميع الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات والقوانين الجزائية الاخرى.
كما عالج المشرع موضوع المكافأة وميز بين حالتين ذكرتها المواد الثالثة والسادسة، اذ يمنح الوزير المختص او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة في المادة السادسة مكافأة نقدية لا تقل عن خمسمئة الف دينار في حالة الاخبار عن جريمة تزوير المحررات الرسمية ويؤدي هذا الاخبار الى إلقاء القبض على الفاعل، اما المادة الثالثة فقد عالجت جميع الحالات المذكورة في المادة الثانية من هذا القانون، لكن حددت المكافأة نسبة مئوية من قيمة المال المُسترد اذ يمنح 5 % من قيمة المال الذي لا يزيد عن مئة مليون دينار، ويمنح 3 % من قيمة المال على ما زاد عن مئة مليون دينار، لكن اشترطت المادة الرابعة لمنح المكافأة حسم الدعوى وصدور حكم بات فيها واستعادة الاموال، كما اشترطت المادة الثامنة من القانون آنف الذكر سرية إجراءات التحقيق واسم المخبر لضمان الحماية القانونية له، اما كيفية الابلاغ عن حالات الفساد الاداري فقد خلت نصوص القانون من بيان الكيفية التي من خلالها يمكن تقديم الابلاغ، وقد بينت هيئة النزاهة في اكثر من مناسبة طرق البلاغ عن حالات الفساد الاداري والمالي وقد جاء ذلك في الندوة الحوارية الإلكترونية التي أقامتها الهيئة مؤخرا بعنوان (إجراءات هيئة النزاهة اللاحقة لتلقي الإخبارات) إذ بينت طرق الإبلاغ وهي اما عن طريق حضور صاحب الابلاغ الى احدى دوائر الهيئة او عن طريق مراسلة بريدها الإلكتروني او الإتصال على الرقم (154).
وفي الختام يمكن أن نقول لو سُلط الضوء اكثر من قبل وسائل الاعلام والهيئات المختصة على هذا القانون وتشجع المواطنين للاخبار على حالات الفساد الاداري والمالي وتعامل المؤسسات صاحبة العلاقة بجدية وحزم للحد من ظاهرة الفساد لتعززت الثقة وتبادل المعلومات بين الافراد والجهات الحكومية ويكون كل شخص في المجتمع مساهماً في نهوض البلد وتخلصه من آفة الفساد .