العشوائيات

آراء 2020/11/11
...

   شمخي جبر

لم تكن مشكلة العشوائيات واحياء التجاوز التي غزت بغداد وعددا من المحافظات وليدة لحظة ما بعد 2003 بل هي قديمة، اذ كانت أحد مخلفات الهجرة من الريف الى المدينة.
هذه المشكلة تعاظمت بعد 2003 اذ غابت الدولة حين دمرت او فككت او حلت مؤسساتها. فإذا كانت الدولة قد أكلت جرف المجتمع، فإن المجتمع أراد أن يأخذ ثأره من هذه الدولة فتمدد بشكل لم يسبق له مثيل، ما دامت العلاقة متأزمة بين الفرد والدولة او بين المجتمع والدولة، يشعر المواطن انه بلا حقوق فيها فحدث التجاوز حين اعتقد انه لم يتجاوز الا ليأخذ حقه.                                             
في دولة غنية وشعب فقير استحوذت على الثروات نخبة سياسية لم تستطع ان تضع خططا جدية لمعالجة ظاهرة الفقر، فبحسب احصاءات وتقديرات وزارة التخطيط وصل اكثر من 30 % من السكان تحت مستوى خط الفقر.
وظاهرة الفقر التي تفشت رافقتها مشكلات ازمة السكن، البطالة، وازدياد الهجرة من الريف الى المدينة للبحث عن فرص عمل لعدم وجود دعم للقطاع الزراعي وشحة المياه .                                             
وكانت وزارة التخطيط قد اعلنت الأربعاء (4 تشرين الثاني 2020) وجود ثلاثة ملايين ونصف المليون عراقي يسكنون العشوائيات في عموم البلاد، التي تجاوز عددها الأربعة آلاف عشوائية موجودة في جميع محافظات العراق، تحتوي على اكثر من 500 الف وحدة سكنية.
هذه المشكلة الخطيرة التي تعيشها شريحة واسعة من المجتمع دون خدمات تشكل هدرا لكرامة الانسان وحرمانا من ابسط الحقوق الانسانية وهو حق الحياة، اذ اشارت المادة (30) من الدستور العراقي ( أولاً: تكفل الدولة للفرد وللأسرةـ وبخاصة الطفل والمرأةـ الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياةٍ حرةٍ كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم).
ولكن للاسف تحولت هذه المشكلة الى ورقة سياسية تستخدمها الاحزاب والكتل السياسية ايام الانتخابات من خلال الوعود بالتمليك او تزوير سندات وتوزيعها في بعض المناطق من اجل خداع هذه الشريحة الفقيرة وتضليلها وسرقة اصواتها.
منذ الدورة الانتخابية الماضية ومشروع قانون معالجة التجاوزات السكنية موجود في ادراج مجلس النواب .
ففي (8 كانون الثاني 2018) أنجز البرلمان القراءة الاولى لمشروع قانون معالجة التجاوزات السكنية والمقدم من لجنة الخدمات والأعمار والذي يساعد على معالجة التجاوزات السكنية على أراض مملوكة للدولة أو البلديات.
ولكن يبدو ان هذه المشكلة ستبقى معلقة او مهملة ويتم تذكرها في ايام الانتخابات بوصفها ورقة رابحة تدر مئات الآلاف من الأصوات الانتخابية لتنتفع منها بعض الكتل السياسية.