الخروق الأمنيَّة وفاعلية المشروع الوطني

آراء 2020/11/11
...

 علي حسن الفواز

الخروق الأمنية للجماعات الارهابية، التي تحدث هنا أو هناك تترك علامات استفهام حول الاجراءات الحمائية لمواجهتها، وحول النوايا التي تقف وراءها، وانعكاس خطورتها على وحدة الاجتماع الأهلي العراقي، لاسيما أن طبيعة هذه الخروق تحدث في اماكن ذات توصيفات ديموغرافية محددة، وأن هدفها القبيح هو اثارة الفتنة، والتشكيك  بقدرة الوحدات الامنية على ادارة الملف الأمني.
لقد بات واضحا أن" المشروع الارهابي الداعشي" قد انتهى، وأن ذيوله وجماعاته لا تملك القدرة على مواجهة واقع امني فاعل، ولا واقع اجتماعي أدرك خطورة الارهاب، وأن ما حدث من جرائم ومجازر في عديد المدن التي احتلها الارهابيون كشف عن مدى تأثير ذلك اجتماعي ونفسيا وأمنيا على الناس، وعلى معيشهم، وتوادهم، حيث العزل، وخروج تلك المدن من التاريخ، وصار " سلوك الحسبة" هو خيار التخلّف والقمع والموت الذي فُرض 
عليها.
من هناك يتطلب الأمر الامني مراجعة دائمة، ورؤية أكثر استشرافا لمعطيات الواقع، لاسيما في ظل ظروف اقتصادية وسياسية وصحية بالغة التعقيد، وبالاتجاه الذي يجعل فعل المراجعة أكثر تمثيلا للمتغيرات التي نواجهها، والتي تتطلب مقاربة عقلانية ونقدية تمسّ حياة الناس، مثلما ترتبط بامكانات تيسيرها، على مستوى معالجة ما تركه الارهابيون من آثار فجائعية في المدن وفي النفوس، فضلا عن اعادة تأهيل البنى المجتمعية والتعليمية والثقافية لتكون أكثر تماسكا، وأكثر تحصينا، ولها القدرات لمواجهة النوايا، 
التي تقف وراء تلك الخروق الأمنية، لأن التغافل عنها سيكون له الأثر السلبي، مثلما سيعطي للارهابيين توهما بالضعف، والتراخي عن فعل الحسم.
إن جهودا كبيرة، ترتبط بما تقوم بها قواتنا الأمنية من حملات واسعة في قواطع العلمليات، 
لكنها ستكون أكثر جدوى بالتزامن مع حملات ثقافية واسعة تمسّ وجدان الناس، وانماط حياتهم، التي تضررت كثيرا من الارهاب، وهذا يتطلب جهودا استثنائية صعبة، لكنها ليست مستحيلة، وعبر برامج وخطط ستراتيجية تنهض بتلك المسؤوليات الثقافية، وبالخدماتية، وعلى مستويات متعددة، وعبر آليات منتظمة ومتواصلة، لأن ذاكرة الناس تحتاج الى التأهيل، والى صياغة رأي عام  فاعل ونقدي، وأكثر تقبّلا لوعي المتغيرات، 
لكي يكون نبذ الارهاب نبذا وعزلا حقيقيا لما يرتبط به من افكار متطرفة طائفيا ومحاصصاتيا وشوفينيا، ولإعادة الثقة بالدولة المؤسسة والقانون، فضلا عن اعادة الثقة بالمجتمع عبر تعايش مكوناته واطيافه في فضاء يسوده السلم المدني، والقبول بالآخر، والثقة بالمستقبل بعيدا عن اوهام الماضي المرذول بالظلم والديكتاتورية والاستبداد.