بغداد: سرور العلي
غالبا عندما تستيقظ زينب أحمد (وهي من مشاهير السوشيال ميديا)، تمسك هاتفها المحمول لتتصفح حساباتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، تارة تبتسم وتارة يكتسي وجهها التوتر وأحيانا التفكير بشيء ما، لكن قبل شهرين صدمت بخبر وفاتها على موقع "إنستجرام"، لتتفاجأ بالكم الهائل من الرسائل، التي وصلتها للتأكد من خبر موتها والبعض حزن عليها.
وتستذكر أحمد تلك الحادثة بألم:"مررت بحالة حزن شديدة وكآبة حتى فكرت أن أعتزل مواقع التواصل الاجتماعي، لو لا وقوف الأصدقاء والمقربين ومساندتهم ومساعدتهم لي على تجاوز الصدمة".
وأضافت"البعض يصعد سلم الشهرة على حساب الآخرين من النجوم عن طريق نشر الشائعات، والأكاذيب التي تلقي رواجا واسعا، لاسيما إذا كان الشخص محبوبا لدى الناس ويتابعه الآلاف".
وأكدت"أرواحنا ليست رخيصة ومتاحة لضعاف النفوس ومتملقي النجومية، فلنا أصحابنا وأسرنا الذين يقلقون
علينا".
تزييف
وكما هو الحال لنور حسين، صاحبة قناة على موقع يوتيوب، التي تفاجأت يوما باتصالات كثيرة من زملائها، وهي تتناول الغداء مع شقيقتها في أحد المطاعم، وبعد تأكدها من الأمر أتضح أن هناك مواقع على الفيسبوك تداولت خبرا يزعم تعرضها لحادث
سير.
وقالت حسين ضاحكة:"لا أدري ما الذي يجنيه هؤلاء من نشرهم أخبارا مزيفة سوى الحصول على عدد من الإعجابات، لنفضح أكاذيبهم في ما بعد".
وتابعت"أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي متاحة للصغير والكبير من دون رقابة أو وعي بما ينشر مما يسبب الكثير من المشكلات، ونظرا لتحولها لجزء أساسي من حياتنا، فالكثيرون لا يمكنهم مقاومة أغراء تطور التكنولوجيا والتسلية والترفيه، وللسرعة في نقل الحدث".
تحريف
وبين عبد الله فؤاد، طبيب نفسي:"حرب الشائعات أو ما يعرف بحرب الجيل الرابع، هي نوع جديد من الحروب لا تستخدم فيها الأسلحة، بل يلجأ فيها للدعاية والثرثرة والتأويلات والأخبار المضللة بهدف زعزعة راحة الأفراد، ولتحقيق أهداف سامة
وهدامة".
مضيفا"وكلما كانت الشخصية المستهدفة ذات أهمية ومنصب كلما انتشرت الشائعة بسرعة فائقة، لاسيما إذا كان يصاحبها الغموض، ليصعب التحقق منها ويصدقها الناس".
وأوضح"كم من الأشخاص فقدوا حياتهم، ومكانتهم في المجتمع بسبب الشائعات والترويج لها.
وتلجأ بعض الشركات والمؤسسات للشائعة والترويج لمعلومات غير صحيحة، بهدف التحريف والتزييف مما يترك آثارها في المجتمع وبخاصة إذا كانت متعلقة بحياتهم، كنشرها تحذيرات عن دواء أو عقار معين لتضمنه مواد غير صالحة".
التشويه
وتحدثت نضال هاشم، طبيبة نفسية:"تحولت الشائعات إلى ظاهرة متفشية مع ازدياد استخدام مواقع التواصل، ومع قلة وعي الأفراد بخطورتها إذا يسهمون بالمشاركة بها وإعادة نشرها".
وتابعت"ليس كل ما ينشر على تلك المواقع يحمل المصداقية، فالكثير منها غير دقيق وهي لأجل الحصول على المشاهدات والاهتمام وجذب الرأي العام لها، خاصة أن هناك حسابات وهمية لأشخاص مجهولون بصور وأسماء مستعارة هدفها التشويه والتشهير".
واقترحت هاشم للحد من تلك الظاهرة "بتوعية الناس، وتعميم حملات لتقويضها إذا تقوم باستخدام تقنيات حديثة للتحقق من صدق الصور والفيديوهات والنصوص، وتعقب مصدر كل خبر والتأكد من صحته، وتطبيق قانون رادع لمروجها، وأن تستخدم وسائل التواصل بصورتها الصحيحة، وأن يعتمد على قنوات الأخبار الرسمية بدلا من قنوات التواصل الاجتماعي".
وتساهم الأحداث التي تطرأ على العالم في إشعال فتيل هذه الظاهرة، كتفشي جائحة "كورونا"، وعدم مصداقية أرقام الإصابات التي تنشر مما يسبب القلق والخوف من سرعة انتشار الفيروس.
ودعت الشابة حوراء محمد، طالبة جامعية:"بالقضاء على هذه الآفة ووضع العقوبات الصارمة للحفاظ على سلامة الآخرين، والاهتمام بالإعلام الأمني، وإنشاء مركز إعلامي للسيطرة على الشائعة، والبحث عن مصدرها".