وجدان عبدالعزيز
عانى المجتمع العراقي من الكبت والقهر والفقر والحروب المتعاقبة، مما جعلت من الفرد يفقد بعضا من توازن المنطق والسلوك، لترجح كفة العاطفة لديهِ كثيراً على كفة العقل، ومن هنا وضمن مجسات الفحص الاجتماعي، جاءت معطيات وضعت الشعب العراقي من ضمن الشعوب العاطفية،
والشعوب العاطفية غالباً ما يتم التحكم بها عن طريق القال والقيل، او ما يعرف بدس السم بالعسل، لاسيّـما اذا عانت من الاضطهاد والتهميش كالشعب العراقي كما اسلفنا، فهذه المعطيات فتحت نوافذ للعازفين تارةً على وتر الطائفية القومية وعنصريتها، وأخرى على وتر الطائفيات الدينية والمذهبية والاثنية والعرقية، والتي جعلت من أبناء البلد الواحد مللاً ونحلاً متفرّقة وكل حزب بما لديهم فرحون، من هنا لا بد من خلق مسار اخر مضاد، الا وهو الحوار وتأسيس وعي المواطنة وتعميقها بعيدا عن الاثنيات والكراهيات، وخلق قانون يحمي المواطن ويحافظ على المواطنة، لذا جاءت المادة الدستورية المرقمة14" من الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 ، حيث نصت بما يلي (العراقيون متساوون أمام القانون من دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الاصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي)، وهذا تجذير وتثبيت لاحترام المواطنة العراقية بعيدا عن كل امتياز، ومن منطلق مبدأ الحقوق والواجبات الثابت عالمياً، فالمواطنة تعني الفرد الذي يتمتع بعضوية بلد ما، ويستحق بذلك ما ترتبه تلك العضوية من امتيازات، وفي معناها السياسي، تُشير المواطنة إلى الحقوق التي تكفلها الدولة لمن يحمل جنسيتها، والالتزامات التي تفرضها عليه، ومن مقومات هذه المواطنة ارتباطها بالديمقراطية، وذلك بوصف أن الديمقراطية هي الحاضنة الأولى لمبدأ المواطنة، وفي هذا الإطار تعني الديمقراطية التأكيد على لا مركزية القرار، في مقابل اختزال مركزية الجماعة، كما تعني أن الشعب هو مصدر السلطات، إضافة إلى التأكيد على مبدأ المساواة السياسية والقانونية بين المواطنين، بصرف النظر عن الدين أو العُرف أو المذهب أو الجنس كما اشرنا، وحتى تكون المواطنة فعالة، فمن الضروري أن يتوافر لها قدر من الوعي المستند إلى إمكانية الحوار والحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة، بحيث تُصبح هذه المعرفة قاعدة القدرة على تحمل المسؤوليَّة، كما تشكل أساس القدرة على المشاركة والمساءلة، وهذا يتطلب التأكيد على المواطنة، اي التأكيد على المساواة والعدل الاجتماعي، في ما يتعلق بتوزيع الفرص الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة، وبطبيعة الحال حتى
السياسيَّة.