عبدالامير المجر
بعد أن رفعت الخيم والسرادق من ساحات الاعتصام التي توزعت بين ميادين ثورة تشرين، عبّر كثيرون عن تشاؤمهم من أن الثورة فشلت او أطيح بها، مرد هذا التشاؤم او القراءة، هو عدم تحقق الاهداف التي رفعها الثوار على مدى عام كامل، وان تحقق واحد من اهمها والمتمثل بتغيير الحكومة، منذ ستة اشهر، الامر يدعو الى وقفة، فالشباب الذين خرجوا من اجل التغيير، يدركون ان الواقع السياسي الفاسد، هو حصيلة تراكم سبعة عشر عاما، وان تغييره يحتاج الى ارادة سياسية جديدة وآليات عملية تتوزع بين مؤسسات الدولة المنخورة، ما يعني ان هذا الجهد، يجب ان تقوم به دولة من خلال ادواتها، وهي هنا باتت بيد حكومة جديدة جاءت من اجل تحقيق هذا الغرض، ولكن ادواتها القائمة انتجتها الحكومات السابقة المنبثقة من القوى والاحزاب الحاكمة التي ثار عليها الشعب، وبتغيير الحكومة السابقة تلبية لإرادة الثوار انتقلت الثورة الى ميدان الدولة، أي استمرارها بأدوات جديدة ، بغية تحقيق كامل اهدافها، او هذا ما يجب ان يكون.
البعض يريد ان تقوم الحكومة الجديدة بإجراءات راديكالية، اي سريعة ومفاجئة، وهذا يحتاج الى اذرع قوية، في مقدمتها المؤسسة الأمنية، وهذه ليست مثالية، كونها نتاج الاحزاب التي بنتها على اسس غير صحيحة، ما يجعل مهمة الحكومة الجديدة في التغيير ليست يسيرة كما يتصور البعض، أي انه لا بدّ وأن تبدأ من اعادة بناء تلك المؤسسات الفاعلة لتنفيذ مطالب الثوار وتمهد لانتخابات نزيهة، يتحقق فيها التغيير النهائي المنشود.. هل حصل هذا؟ لانعرف بالتفصيل، لكن من المؤكد أن الحكومة عملت وتعمل على ذلك، وقد تحتاج الى وقت اكثر لترصّن مؤسساتها المختلفة وتوسع ميادينها اللوجستية اقليميا ودوليا، من خلال علاقات اقتصادية وسياسية وامنية وغيرها، كي تستعيد الدولة قدراتها وتحقق اهداف الثورة، خلاف ذلك فإن شيئا جوهريا لم يتغير وستكون التغييرات شكلية، نحن نعتقد ان تغييرا بنيويا يجرى بهدوء في جسد الدولة، ويحتاج الى بعض الوقت، وان لم يتم هذا قبل الانتخابات، فالثورة لا تختزلها الخيم والسرادق ويمكن ان تعود بقوة اكبر وفي أية
لحظة!