د. عبد الواحد مشعل
دأبت وزارة التخطيط خلال عقد مضى على تقديم ستراتيجيات تتوفر فيها كل شروط الرصانة والمهنية، معتمدة على خبراء وفنيين وإداريين على قدر كبير من الكفاءة، شهد لها البنك الدولي والمنظمات ذات العلاقة، نظرا لاعتمادها على أرقام ومؤشرات من واقع المجتمع، بعد أن استندت الى دراسات قام بها أكاديميون في الاقتصاد وعلم الاجتماع والهندسة والإحصاء وغيرها، فضلا عن إشراك كثير من المختصين في القطاع الحكومي والخاص، وآخرين من جهات مختلفة بما فيها أعضاء من مجلس النواب، إلا أن الإشكالية التي تعاني منها التنمية في العراق، عدم إيجاد فرص مناسبة لتطبيق تلك الستراتيجيات، لأسباب كثيرة منها غياب الإمكانيات الأزمة، وعدم قدرة الدولة على بلورة رؤية عملية لتنفيذ خطط التنمية، فلا تزال مظاهر الفساد والروتين وعدم وجود قوانين تحمي الخطة التنموية وعدم وجود حوكمة القانون وعدم إجراء تعداد سكاني شمولي حتى الآن، ومشكلات تتعلق بالجانب السلوكي وضعف الأداء، فضلا عن وجود عوامل اجتماعية وثقافية معرقلة لغياب لتنمية، منها الزيادة المطردة في عدد السكان، بسبب ارتفاع نسبة الخصوبة، وعدم وجود توجه حكومي تنموي فعال، ما جعلها مجرد جهود نظرية ليس إلا، كما دلت المؤشرات التي أظهرتها كثير من الدراسات والأبحاث، تراجع التعليم وانتشار الأمية وغياب الوعي المجتمعي، ووجود مشكلات بنيوية تعانيها مؤسسات الدولة، منها تخلف القطاع المصرفي مقارنة بالدولة المتقدمة وضعف المؤسسات الحكومية المسؤولة عن توفر موارد للدولة خارج القطاع النفطي، بسبب افتقارها للأساليب التقنية أو
الالكترونية.
إنَّ الخروج من هذه الأزمة يحتاج الى هيكلة مؤسسات الدولة وتنظيمها على وفق الأساليب الإدارية الحديثة، لكي تقوم بوظائفها بشكل منتظم، كما ينبغي الاطلاع على تجارب الدول التي حققت تطورا نوعيا في نهضة مجتمعاتها، وينبغي على الحكومة أيضا العمل على تطبيق الستراتيجيات التنموية، التي وضعتها وزارة التخطيط بطريقة تضع مصلحة البلد فوق كل اعتبار، فلا يمكن للبلد أن ينهض من دون أن يكون هناك تصميم حكومي وشعبي على تطبيق ستراتيجيات التنمية، وإلا ما فائدة تلك الستراتجيات إذا بقيت من دون
تطبيق.