الدور الرقابي لمجلس النواب

آراء 2020/11/15
...

القاضي د. حيدر علي نوري 
 تتميز المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن بقية الهيئات المستقلة في الدولة العراقية، باستقلاليتها، استناداً الى طبيعة عملها وجسامة المهام الموكلة إليها، بعدها الجهة المختصة بضمان التعبير عن إرادة الناخب والمنظمة لكيفيَّة التعبير عن صوته، وإنَّ ذلك يستوجب أنْ تتمتع المفوضية باستقلالية تامة من نوعٍ خاص، مع مراعاة خصوصيتها من حيث الإدارة والتبعيَّة والإشراف والرقابة، وعلى أساس ما تقدم نوضح ما يلي:
1 - السلطات الأساسيَّة في أية دولة ثلاث، التشريعيَّة والتنفيذيَّة والقضائيَّة، وقد ظهرت الحاجة الى ضرورة وجود هيئات مستقلة عن تلك السلطات يتولى الدستور إنشاءها وتحديد مهامها واختصاصاتها وتبعيتها والجهة التي تتولى رقابتها، ولعلَّ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات واحدة منها، بقصد تقليل العبء عن السلطات، وضمان دقة أدائها لمهامها بحكم تخصص ملاكاتها، ولذا فإنها تعدُّ جزءاً من الهيكل الإداري للدولة.
2 - إنَّ ذكر المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في الفصل الرابع من الباب الثالث من دستور 2005، المتعلق بالسلطات الاتحادية، لا يعني أنَّ المشرع الدستوري أراد لها أنْ تكون سلطة رابعة، مع بقية الهيئات المستقلة مجتمعة، فهي ليست جهازاً دستورياً، وإنما جهاز إداري يحتاج بسبب طبيعة أعماله الى أنْ يتمتع بمزيدٍ من الاستقلال الإداري مقارنة بأجهزة الدولة الاخرى، لا سيما أنَّ المادة (47) منه حددت السلطات الاتحادية بالتشريعية والتنفيذية والقضائية من دون ذكرٍ لتلك الهيئات بما فيها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
3 - إنَّ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، تعدُّ هيئة مستقلة استقلالاً مالياً وإدارياً وعضوياً، ويقصد بالاستقلال الوارد بالمادة (102) من الدستور هو أنَّ منتسبي المفوضية مستقلون في أداء مهامهم المنصوص عليها في قانون المفوضية لا سلطان عليهم في أدائها لغير القانون ولا يجوز لأي جهة التدخل أو التأثير في أداء المفوضية لمهامها، إلا أنَّ المفوضية تخضع لرقابة مجلس النواب عند ادائها لهذه المهام، فإذا ما انحرفت عنها فإنَّ المجلس يملك لوحده محاسبتها ويتخذ الإجراء المناسب بخصوص ذلك.
4 - لم يحدد دستور جمهورية العراق لعام 2005، الجهة التي ترتبط بها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أو الجهة التي تتبع لها، معنى ذلك أنَّ المفوضية جهة تتولى إدارة نفسها بنفسها لتتمكن من أداء مهامها من دون تدخل، إلا أنَّ خضوع المفوضية لرقابة مجلس النواب لا يحول دون إشراف مجلس الوزراء على نشاطها طبقا لأحكام المادة (80/ أولاً) من الدستور، إذ يمارس مجلس الوزراء صلاحيات عديدة منها تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة والخطط العامة والإشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة، وفي ذلك إشارة واضحة الى الهيئات المستقلة المنصوص عليها بالدستور ومنها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لعدم تبعيتها الى جهة معينة، ولذا فإنها تأخذ حكم الجهات غير المرتبطة بوزارة من حيث خضوعها لإشراف مجلس الوزراء.
- خلاصة ما تقدم يكمن: بأنَّ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مستقلة مالياً وإدارياً وعضوياً، إلا أنها تخضع لرقابة مجلس النواب تطبيقاً لأحكام المادة (102) من دستور جمهورية العراق لعام 2005، التي نصت على أنه: ((تعدُّ المفوضية العليا لحقوق الانسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب وتنظم اعمالها بقانون))، كذلك المادة (61/ ثامناً/ هـ) منه التي نصت على أنه (لمجلس النواب حق استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة وفقاً للإجراءات المتعلقة بالوزراء وله إعفاؤهم بالأغلبية المطلقة)، وبالمعنى ذاته جاء نص المادة (1) من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات آنف الذكر، كما أنها تخضع لإشراف مجلس الوزراء، إذ لا تعدّ سلطة رابعة، وإنما تعدُّ جزءاً من التكوين الإداري للدولة، وتكيَّف قانوناً على أنها، بحكم الجهات غير المرتبطة بوزارة، وبذلك فإنَّ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تخضع لما تخضع له الهيئات غير المرتبطة بوزارة من حيث إشراف مجلس الوزراء عليها، تطبيقاً لأحكام المادة (80/ أولاً) من الدستور، التي أناطت بمجلس الوزراء صلاحيَّة تخطيط وتنفيذ السياسة العامَّة للدولة ورسم الخطط العامة لها والإشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة.