د . صادق كاظم
العراق واحد من الدول التي تهتم بهوية الرئيس المقبل لاميركا والذي بات رسميا جو بايدن بعد هزيمة الرئيس ترامب في الانتخابات الاخيرة وما يهم العراقيين هو معرفة سياسة بايدن تجاه بلدهم، خصوصا بعد تصريحه الشهير في الماضي عن ضرورة تقسيم العراق الى ثلاثة كيانات فيدرالية، وهو امر استهجنه العراقيون وقتها ورفضوا مضمونه، بل واعتبروه مخططا يستهدف تمزيق بلادهم، ما جعل بايدن لا يقدم على طرح هذه الفكرة لاحقا، بل انه تجاهل هذه التصريحات وطواها النسيان بعد ذلك .
صنع الرئيس ترامب الكثير من المشكلات والازمات في المنطقة وفق رؤية متشددة ارادت تحطيم انجازات اوباما وعملت على اثارة التوتر والاضطراب والتي كان من ضمنها الانسحاب من الاتفاق النووي والتصادم مع ايران والذي وصل الى حافة الحرب بعد اغتيال قاسم سليماني في مطار بغداد والرد الايراني بقصف قاعدة عين الاسد وهي سلوكيات وسياسات، سيعمل بايدن حتما على تطويق آثارها واعادة النظر بتلك السياسات والتخلص من ارث ترامب واطفاء الحرائق المشتعلة التي تركها خلفه .
العراق واحد من الدول التي ترغب في التعرف على سياسة الرئيس المقبل بايدن تجاهه وانعكاسات تلك السياسة على وضعه في تلك المنطقة التي من خلال الاستقراءات ستكون حتما بعيدة عن رؤية بايدن السابقة بتقسيم العراق الى فيدراليات متعددة باعتبار ان ذلك يعتبر امرا مرفوضا وطنيا وسياسيا، اضافة الى عدم امكانية قبوله من قبل دول الجوار التي ستعتبر ان ذلك يشكل تهديدا لها، لانه سيمهد لفدرلتها لاحقا وهي لن تكون سعيدة برؤية كيانات منفصلة تتشكل بالقرب من حدودها واراضيها، اضافة الى العامل الاهم وهو ان عصابات داعش الارهابية ستحاول استغلال الضعف والفراغ الناتج عن ذلك للعودة الى مختلف مناطق البلاد وتهديد امنها مجددا .
بالتأكيد ان السياسات الاميركية لا ترتبط بالاشخاص والعواطف، بل بالستراتيجيات والمصالح التي تتقدم على اي شيء آخر، فضلا عن وجود المؤسسات ذات الخبرات العملاقة والضخمة والتي تمد الرؤساء وصانعي القرار بمفاتيح تلك السياسات وضرورة أن تدار بوصلة القرارات صوبها وهي من سيتحكم بآلية صنع القرار وليس اي شيء اخر، وبالتالي فان السياسة الاميركية سواء تجاه العراق اوغيره من بلدان المنطقة متغيرة وليست ثابتة وترتبط بالمصالح اولا واخيرا وليس باي شيء اخر، اضافة الى ذلك وهو العامل المهم ان السياسات الاميركية تتأرجح بين التشدد واللين، فبعد كل دورة رئاسية من الحروب والازمات تأتي دورة اخرى من الرغبة بالسلام وتهدئة الامور، والجمهوريون بارعون بالحروب طوال تاريخهم، بينما الديمقراطيون يميلون الى السلام وعدم التشدد والابتعاد عن الحروب .
بايدن سيعمل على اصلاح الاضرار وترميم اخطاء سياسات ترامب، وسوف يكون متأنياً في اتخاذ قراراته التي ستراعي المصالح الاميركية مع تجنب المزيد من الصراعات والحروب في الوقت نفسه.