من المحاصصة قراطية إلى الدوائرقراطية

آراء 2020/11/15
...

 ا.د.عامر حسن فياض 

في عالمنا المعاصر لم يعد هناك من يجرؤ على البوح علنا بأنه يخاصم الديمقراطية، غير ان واقع الحال يوضح بسهولة للعقلاء ان عالمنا المعاصر عالم بدأ يغتصب الديمقراطية في كل لحظة عبر هندسة نظم انتخابية ملتوية ولئيمة لحساب منفعة القلة الجديدة والقديمة . 
لقد شهدت بلدان المنطقة، ومنها العراق متطلبات ودعوات الى نظم انتخابية عجيبة في السياسة وغريبة عن تاريخ الديمقراطية الحقة وجغرافيتها، فقد جربت هذه البلدان نظام العوائلقراطية المنتخبة ( حكم العوائل ) والفردقراطية المنتخبة ( حكم الفرد المستبد ) ، والقبائلقراطية المنتخبة ( حكم القبائل ) والمحاصصة قراطية المنتخبة ( حكم المكونات ) والاخوان قراطية المنتخبة ( حكم الاخوان ) ...وفي مسار اخر التقليعات  الديمقراطية فان العراق موعود قريبا بالانتقال من نظام المحاصصة قراطية الى نظام الدوائرقراطية القزمية ( حكم الدوائر الصغيرة ) فهل يجوز المراوحة في عراق ما قبل الدولة الوطنية بالمحاصصة قراطية والدوائرقراطية والبلاد والعباد ينشدان بناء الدولة الوطنية 
الحديثة ؟ 
نعم ان النظام الانتخابي المقبل هو النظام الذي سيضع الخطوط الحمراء للقطيعة لا للتواصل بين العراقيين ارضا وشعبا .. وهو النظام الذي سيضع خطوطا حمراء بين الناخبين قبل واثناء الانتخابات وبين المنتخبين بعد الانتخابات .. نعم هناك خطوط حمراء في الديمقراطيات الحقة بين الديمقراطيين وغير الديمقراطيين، ولكن ليس  بين الناخبين انفسهم اولا ولا  بين المنتخبين انفسهم ثانيا، اذ ان كل الخطوط التي نتمناها ينبغي أن تكون مفتوحة على قاعدة التفاعل لا التزاعل، وعلى قاعدة التواصل لا التقاطع، وعلى قاعدة التنافس لا التناحر، وعلى قاعدة الاختلاف لا الخلاف، اما الخطوط الحمراء فانها ينبغي أن تستحضر عند الديمقراطيين في تعاملهم مع خصوم الديمقراطية فقط، فالخط الاحمر ينبغي أن يرسمه الناخبون والمنتخبون العراقيون معا بينهم وبين من يعبث بالمال العام والامن العام ، ويستحضر الخط الاحمر بينهم وبين من يعجز عن اتخاذ القرار الوطني المستقل ومن يقصر في الاداء الخدمي للناس، ومن يرفض سد العوز التشريعي لبناء الدولة ومن يعيق تقويم العوق المؤسساتي ومن يرمي الى الابقاء على العطب المعرفي والثقافي، اللهم اشهد اني بلغت، فالعراق راحل الى العدمية الوطنية المشرعنة بقانون انتخابي تمت هندسته وحقيقته ليست اكثر من ألم مثوب
 بأمل .