د. كريم شغيدل
في العام 2003 كنت في ليبيا أتابع مع بعض الزملاء مجريات استعدادات أميركا للغزو عبر الفضائيات، عرضت إحداها انطلاق صاروخ من فرقاطة أو غواصة في قاع البحر الأحمر متوجهاً نحو قمة الجبل الفاصل بين العراق وإيران من جهة حلبجة، حيث تتحصن ما يسمى بجماعة أنصار الإسلام، وقد أصاب هدفه طبعاً، ثم عرضت فضائية أخرى تقريراً عن مجموعة دلافين بيضاء مدربة ومجهزة بأجهزة استشعار دقيقة للكشف عن الألغام البحرية، جلبتها القوات الأميركية استعداداً لدخول العراق، ومع بدء العمليات عرضت فضائية أخرى استعدادات الطاغية المقبور لمواجهة سلاح الطيران الجوي لأميركا وحلفائها، وكانت بمنتهى السخف، ولا أقول جهلاً، بل كان استخفافاً بعقول العراقيين، استعدادات بدائية لمواجهة آلة حربية في قمة التطور التقني والإلكتروني وتوظيف الأشعة فوق الحمراء وما إلى ذلك، لم يكن بمقدور النظام الذي لا يملك سوى العنجهية البدائية إلا أن يقوم بحرق إطارات السيارات التالفة وإحاطة بغداد بسحابات من الدخان، لعلها تضلل أجهزة الكشف والصواريخ والطائرات، يا للمهزلة!!
في حينها ضحكنا من كل قلوبنا كما يقال، وتذكرنا أن الطاغية الآخر القذافي قد أمر بتغيير لوحات المرور التي تشير إلى طرابلس وغير اتجاهاتها بغية تضليل القوات الأميركية في حال قامت قواتها بإنزال مستهدفة حياته، الطغاة متشابهون بطرق تفكيرهم المتخلفة، تذكرت هذا وأنا أراقب الوضع الحالي، في مواجهة أزمة مزدوجة صحية ومالية، وكلاهما أخطر مما نعتقد، ولا بد من مواجهة حقيقية ترقى لمستوى الخطورة، فلا يمكن- كما يفعل بعض العامة- مواجهة خطر وباء كورونا بالبابنج والزعتر والحبة السوداء، كما لا يمكن مواجهة الأزمة المالية بالاقتراض المستمر.
العراق دولة نفطية، إلى جانب موارد أخرى لا تقل أهمية إذا تمت السيطرة عليها، غاز، منافذ حدودية، سياحة، زراعة، صناعة، أموال مسروقة تشكل ثروات طائلة إذا ما تم استردادها، إلى جانب رواتب تقاعدية لا مبرر لها لحشود كبيرة لطبقة السياسيين الذين تولوا أمر البلاد لأشهر أو سنوات معدودة بعد سقوط الصنم، فضلاً عن المبالغة بكمية الأموال التي تنفق كرواتب ومخصصات للطبقة الحالية التي في طريقها للتقاعد.. وهكذا..