الدولة وحديث الاصلاح

آراء 2020/11/18
...

 علي حسن الفواز

معركة الاصلاح ليست مجالا  لاختبار الحسابات والمصالح، بل هي فرصة لقياس المسؤولية، ولمعاينة جوهر فكرة الوطنية، فمنذ سبعة عشر عاما والجميع يتحدث عن الاصلاح، مقابل استشراء مهول للفساد، وللعنف الاجتماعي، ولتعطيل الارادة الوطنية، فماهي الخيارات ازاء هذا المشهد الغرائبي؟  وكيف هي الاجراءات التي ينبغي اتخاذها؟ وأين ومتى؟.
أسئلة تبدو قاسية، لكنها حقيقية وواقعية، وأن الوقوف على ما تُثيره يجب ان يكون حافزا ودافعا للجميع، لاسيما " القوى السياسية" ومن يعمل في مؤسسات الدولة، لتدارك خطورة تراكم الفساد، حتى لايتحول الى كارثة، أو خراب يُتيح للاخرين التشفي، أو استغلال مايجري لفرض ارادات لها نواياها واجنداتها السيئة.
ورقة الاصلاح البيضاء للسيد رئيس الوزراء، والدعوة الى انتخابات مبكرة، والعمل على صياغة قانون انتخابي جديد، ومعالجة ازمة الثروة الوطنية، والبحث عن حلول لدعم الصناعة الوطنية، وحماية المنتوج الصناعي والزراعي، وغيرها من افكار ومشاريع يمكن أن تشكّل ارضية للتعاطي الاجرائي مع ماهو مؤسسي في مشروع الاصلاح، فالاصلاح لايمكن أن يكون فاعلا وحقيقيا، إلا عبر المؤسسات والقوانين والرقابة وقياس الجدوى، وأن ايجاد البيئات السياسية والاقتصادية والقانونية والثقافية المناسبة هي الخيار والرهان الحقيقي على ذلك، لكي يكون الشروع واقعيا، ولكي تكون الاستعدادات ناجزة، فوسط الصراعات والتجاذبات والشكوك وسوء الادارة، وغياب الشفافية والوضوح من الصعب تنظيم ومؤسسة الاصلاح، لاسيما في سياق الحديث عن "الدولة الاتحادية" فهذا المفهوم السياسي والقانوني، له التزامات وطنية واخلاقية كبيرة وكثيرة، مثلما هو مفهوم يتطلب نوعا من الصياغة المُلزمة للعقد السياسي وآلية الحكم، لاسيما مايتعلق بالاحترام والالتزام بسياقات عمل السلطة الاتحادية، بوصفها سلطة الجميع، على مستوى الامن الوطني السيادي والسياسي والاقتصادي والقانوني، وعلى مستوى مقاربات الخصوصيات الاثنية والقومية والجماعوية، وبعكسه فإن الحديث عن خصخصة الادارة السياسية والاقتصادية لا يجدي نفعا، ولن يكون فاعلا، ومن الصعب أن يجد الاصلاح طريقه للتنفيذ وسط هذه الالغام التاريخية، والسياسات ضيقة الأفق، او ربما وسط المصالح التي لا ترى في الاصلاح سوى منصة لاعادة توصيف المغانم وحقولها 
المفتوحة.