من المبكّر لأوانه الحكم على ستراتيجية الرئيس الاميكي المنتخب جو بايدن، كما لا يمكن الحكم على برنامجه، قبل مضيّ مئة يوم الاولى من ولايته وهو اجراء معتمد في مراكز البحوث والدراسات الاميركية لقياس اداء الرئيس، والمعروف ان الخطوط العريضة لسياسة الولايات المتحدة الخارجية لا تتغير كثيرا تجاه العالم الخارجي، وتبقى مرهونة بثوابت المصالح الاميركية العليا ومتطلبات الامن القومي الامريكي ومزاج الحزب الذي ينتمي اليه الرئيس، والذي يهمّنا من هذه الستراتيجية هو الشرق الاوسط (ومنه العراق) رغم ان الخط البياني لها هو شبه ثابت، من حيث اعطاء الاولوية للشرق الاوسط ومعه العراق، نجد ان التكتيك المرافق لتلك الستراتيجية يتغير من رئيس الى آخر وحسب البرنامج الانتخابي للرئيس او منطلقات الحزب، الذي ينتمي اليه ديمقراطيا كان ام جمهوريا.
فلم يشهد الشرق الاوسط استقرارا حقيقيا منذ حرب تشرين / رمضان 1972 لارتباطه بامدادات البترول العالمية ومع التهديدات، التي طالت تلك الامدادات بسبب الحرب التي اندلعت بين الدول العربية واسرائيل وعلاقة الولايات المتحدة الوثيقة بإسرائيل العدو التقليدي للعرب، وظلّ يعاني من تعدّد امزجة الرؤساء الاميركان، ابتداء من الرئيس جيرالد فورد وقبله نيكسون وليس انتهاء بالرئيس جورج بوش الابن، وبلغت اوج تلك المعاناة مع تولّي الرئيس ترامب، حيث صار الشرق الاوسط يعيش على صفيح ساخن، بعد ان وصل التهديد بين اميركا ومحور ايران (انموذجا ) الى درجة عرض العضلات بواسطة حاملات الطائرات والصواريخ البالستية، يقابله التهديد بغلق مضيق هرمز وضرب المصالح الاميركية اينما كانت تحت شعار (الموت لأميركا)، وهذا يعني الضوء الاخضر لحرب عالمية ثالثة، والحق يقال ان العالم لم يتنفس الصعداء الاّ في عهد الرئيس الاسبق باراك اوباما، الذي نزع فتيل الازمة التي كادت تؤدي الى حرب عالمية طاحنة بعقد اتفاقية الاطار مع ايران (5+ 1) وباتفاق شركاء الولايات المتحدة الاوربيين، الاتفاقية التي انسحب منها ترامب من جانب واحد مع فرض عقوبات اقتصادية قاسية على ايران وامتعاض بقية الشركاء.
العالم يأمل ان تكون ولاية الرئيس المنتخب بايدن فاتحة خير للمنطقة وللعراق، وان يشهد استقرارا نسبيا في عهده، رغم انه سبق وان حمل مشروعا سيئ الصيت لتقسيم العراق الى كانتونات عرق/ طائفية، الاّ اننا نقول (تفاءلوا بالخير تجدوه) وقد
لا نجده.